أصل خاص كذلك ، دلّ على تنزيل الجزء الآخر بدلالة الاقتضاء ، صوناً لكلام الحكيم عن اللغوية ، بخلاف ما إذا كان الدليل عاماً أو مطلقاً ، فانّه لا يشمل مثل هذه الأمارة وهذا الأصل.
فتحصّل : أنّ الصحيح ما ذكره وعدل إليه في الكفاية لا ما ذكره في الحاشية (١).
__________________
(١) هكذا ذكر سيّدنا الاستاذ (دام ظلّه) ولكن بنظري القاصر أنّ القاعدة المذكورة ـ وهي عدم شمول دليل التعبد للأمارة القائمة على أحد جزأي الموضوع على ما تقدّم بيانه ـ وإن كانت صحيحة تامّة ، إلاّ أنّها لا تنطبق على المقام ، إذ ليس في المقام موضوع مركب قامت على أحد جزأيه أمارة واريد إثبات جزئه الآخر بالملازمة العرفية ، حتّى يرد عليه أنّه مستلزم للدور ، بل المقصود أنّ مفاد دليل حجّية الأمارة هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع فيما له من الأثر الشرعي ، ويدل بالالتزام على تنزيل العلم بالمؤدى منزلة العلم بالواقع فيما إذا كان العلم مأخوذاً في الموضوع ، فيترتب عليه هذا الحكم المأخوذ في موضوعه العلم أيضاً ، فتكون الأمارة قائمة مقام القطع الطريقي والموضوعي كليهما.
مثلاً لو فرضنا أنّ حكم الخمر في نفسه هو وجوب الاجتناب ، وقد اخذ القطع بكون مائع خمراً في موضوع الحكم بوجوب التصدق مثلاً ، فلو قطعنا بكون مائع خمراً يترتب حكمان :
الأوّل : حكم المقطوع به وهو وجوب الاجتناب ويكون القطع بالنسبة إليه طريقاً محضاً.
الثاني : حكم القطع ، أي الحكم الذي اخذ القطع في موضوعه وهو وجوب التصدق ، فلو قامت بيّنة على خمرية مائع كان مقتضى دليل حجّية البيّنة بالمطابقة تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، فيجب الاجتناب عنه ، ويدل بالالتزام على تنزيل العلم به منزلة العلم بالواقع فيجب التصدق ، ولا نرى فيه دوراً. نعم ، يصح ما ذكر فيما إذا لم يكن للمقطوع به أثر في نفسه ، وكان القطع به مأخوذاً في حكم من الأحكام ، فانّه حينئذ إذا قامت أمارة عليه لا يمكن الالتزام بشمول دليل الحجّية لمثل هذه الأمارة ، إذ معنى شموله لها تنزيل المؤدى منزلة الواقع. والمفروض أنّه لا أثر للواقع ليصحّ التنزيل بلحاظه ، بل الأثر مترتب على العلم بالواقع على الفرض ، فيحتاج ترتب الأثر على تنزيل آخر وهو تنزيل العلم بالواقع بالدلالة الالتزامية ، وحيث إنّ هذا التنزيل في طول التنزيل الأوّل ومتوقف عليه لزم الدور لا محالة