علمنا إجمالاً بأ نّا لم نأت بصلاة العصر أو بصلاة العشاء ، وكان ذلك في الليل ، فانّ مجرد الشك في الاتيان بصلاة العشاء يكفي في تنجيز التكليف بالنسبة إليها ، لبقاء الوقت ، فوجوب الاتيان بها لا يحتاج إلى جريان أصالة عدم الاتيان فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر وهو صلاة العصر ، فيرجع إلى قاعدة الحيلولة أو أصالة عدم وجوب القضاء ، لكونه بفرض جديد والأصل عدمه.
ومنها : ما لو علمنا بنجاسة أحد المائعين ، ثمّ علمنا إجمالاً بوقوع نجاسة في أحدهما أو في إناء ثالث ، فانّه لا أثر للعلم الاجمالي الثاني في تنجيز التكليف بالنسبة إلى الاناء الثالث ، لأنّ التكليف قد تنجّز بالعلم الاجمالي الأوّل بالنسبة إلى المائعين الأوّلين ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف على كل تقدير ، لاحتمال وقوع النجاسة في أحد المائعين الأوّلين ، وقد تنجّز التكليف فيهما بالعلم الأوّل ، فليس في الاناء الثالث إلاّاحتمال التكليف ، وينفيه الأصل الجاري بلا معارض.
ومقامنا من هذا القبيل بعينه ، فانّ العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف الآخر وإن كان حاصلاً بعد العلم بالملاقاة ، إلاّ أنّه لا يمنع عن جريان الأصل في الملاقي ـ بالكسر ـ لأنّ الأصل الجاري في الطرف الآخر قد سقط للمعارضة قبل حدوث العلم الثاني ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، إذ يحتمل أن يكون النجس هو الطرف الآخر المفروض تنجّز التكليف بالنسبة إليه للعلم السابق ، ومعه لا يبقى إلاّاحتمال التكليف في الملاقي ـ بالكسر ـ فيجري فيه الأصل النافي بلا معارض. وقد أشرنا سابقاً (١)
__________________
(١) في التنبيه الرابع في ص ٤٢٣