بالاجمال ، والمقام ليس كذلك ، لأنّ المعلوم بالاجمال هو الوجوب النفسي سواء كان متعلقاً بالأقل أو الأكثر ، والمعلوم بالتفصيل هو الوجوب الجامع بين النفسي والغيري ، فلا ينحل العلم الاجمالي. ولكن التحقيق هو الانحلال على ما ذكرناه في بحث مقدّمة الواجب مفصلاً (١) ولا نعيد الكلام فيه ، لأنّ التقريب المذكور غير تام من جهة عدم تمامية الأمر الأوّل ، فلا حاجة إلى إعادة الكلام في تمامية الأمر الثاني وعدمها.
الوجه الثاني : وهو أيضاً مأخوذ من كلام الشيخ (٢) وهو أنّ الأقل واجب يقيناً بالوجوب الجامع بين الوجوب الاستقلالي والوجوب الضمني ، إذ لو كان الواجب في الواقع هو الأقل فيكون الأقل واجباً بالوجوب الاستقلالي. ولو كان الواجب في الواقع هو الأكثر ، فيكون الأقل واجباً بالوجوب الضمني ، لأنّ التكليف بالمركب ينحل إلى التكليف بكل واحد من الأجزاء ، وينبسط التكليف الواحد المتعلق بالمركب إلى تكاليف متعددة متعلقة بكل واحد من الأجزاء ، ولذا لا يكون الآتي بكل جزء مكلفاً باتيانه ثانياً ، لسقوط التكليف المتعلق به ، بل الآتي بكل جزء يكون مكلفاً باتيان جزء آخر بعده ، لكون التكليف متعلقاً بكل جزء مشروطاً بلحوق الجزء التالي بنحو الشرط المتأخر.
فتحصّل : أنّ تعلّق التكليف بالأقل معلوم ويكون العقاب على تركه عقاباً مع البيان وإتمام الحجّة ، وتعلّقه بالأكثر مشكوك فيه ، ويكون العقاب عليه عقاباً بلا بيان. وبعبارة اخرى : يكون العقاب على ترك الصلاة مثلاً لأجل ترك الأجزاء المعلومة عقاباً مع البيان وهو العلم ، ويكون العقاب على تركها لأجل
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ١٢١
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٤٦٢