الأكثر ، فيكون المقام من موارد العلم بثبوت التكليف والشك في سقوطه ، فيكون مجرىً لقاعدة الاشتغال ، لأنّ العلم بشغل الذمّة يقتضي العلم بالفراغ ولا يحصل إلاّ باتيان الأكثر.
والجواب : أنّ الشك في السقوط تارةً يكون ناشئاً من الشك في صدور الفعل من المكلف بعد تمامية البيان من قبل المولى ، كما إذا علمنا بوجوب صلاة الظهر مثلاً وشككنا في إتياننا بها ، ففي مثل ذلك تجري قاعدة الاشتغال بلا شبهة وإشكال ، لتمامية البيان من قبل المولى ووصول التكليف إلى المكلف ، إنّما الشك في سقوط التكليف بعد وصوله ، فلا بدّ من العلم بالفراغ بحكم العقل.
واخرى يكون ناشئاً من عدم وصول التكليف إلى المكلف ، فلا يعلم العبد بما هو مجعول من قبل المولى ، كما في المقام فانّ الشك في سقوط التكليف باتيان الأقل يكون ناشئاً من الشك في جعل المولى ، ففي مثل ذلك كان جعل التكليف بالنسبة إلى الأكثر مشكوكاً فيه فيرجع إلى الأصل العقلي وهو قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، والأصل النقلي المستفاد من مثل حديث الرفع ، فبعد الاتيان بالأقل وإن كان الشك في سقوط التكليف واقعاً موجوداً بالوجدان ، لاحتمال وجوب الأكثر ، إلاّ أنّه ممّا لا بأس به بعد العلم بعدم العقاب على مخالفته لعدم وصوله إلينا ، والعقل مستقل بقبح العقاب بلا بيان.
وبما ذكرناه ظهر الفرق بين المقام وبين دوران الأمر بين المتباينين ، فانّه بعد الاتيان بأحد المحتملين يكون سقوط التكليف هناك أيضاً مشكوكاً فيه ، ويكون الشك في السقوط ناشئاً من الشك في جعل المولى ، إلاّ أنّه لا يجري الأصل في أحد الطرفين للمعارضة ، فيكون العلم الاجمالي منجّزاً لا محالة ، بخلاف المقام لجريان الأصل في التقييد بلا معارض على ما عرفت مفصّلاً.