ومنها : ما ذكره المحقق النائيني قدسسره (١) من أنّ العلم التفصيلي بوجوب الأقل إنّما هو على نحو الاهمال الجامع بين الاطلاق والتقييد مع الشك في خصوصية الاطلاق والتقييد ، وهذا المقدار من العلم التفصيلي هو المقوّم للعلم الاجمالي ، لأنّ كل علم إجمالي علم إجمالي بالنسبة إلى الخصوصيات ، وعلم تفصيلي بالنسبة إلى الجامع ، فلا يكون هذا العلم التفصيلي موجباً للانحلال ، وإلاّ لزم انحلال العلم الاجمالي بنفسه.
وبعبارة اخرى : انحلال العلم الاجمالي بعد كونه قضيّةً منفصلةً مانعة الخلو إنّما يكون بتبدلها بقضيتين حمليتين : إحداهما متيقنة والاخرى مشكوكة كما في الأقل والأكثر الاستقلاليين ، وهذا مفقود في المقام. وبعبارة ثالثة : الموجب لانحلال العلم الاجمالي هو العلم التفصيلي بوجوب الأقل بنحو الاطلاق ، والموجود في المقام هو العلم التفصيلي بوجوب الأقل على نحو الاهمال الجامع بين الاطلاق والتقييد ، فما هو موجود لا يكون موجباً للانحلال ، بل مقوّم للعلم الاجمالي ، وما هو موجب للانحلال لا يكون موجوداً.
وبالجملة : العلم التفصيلي بالجامع بين الخصوصيات لايكون موجباً للانحلال وإلاّ كان موجباً له في المتباينين أيضاً ، لأنّ العلم بالجامع موجود عند دوران الأمر بين المتباينين أيضاً.
والجواب : أنّ ما ذكره قدسسره متين لو قلنا بالانحلال الحقيقي ، فانّ العلم التفصيلي بالجامع هو عين العلم الاجمالي باحدى الخصوصيتين ، فكيف يكون موجباً للانحلال الحقيقي ، ولكنّا نقول بالانحلال الحكمي ، بمعنى أنّ المعلوم بالاجمال وإن كان يحتمل انطباقه على خصوصية الاطلاق وعلى خصوصية
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٩٣ ، فوائد الاصول ٤ : ١٦٠