الاتيان بالأكثر فلاحتمال دخل قصد الوجه في حصوله ، فلو أتينا بالزائد عن المتيقن بقصد الأمر الجزمي فهو تشريع محرّم لا يحصل معه الغرض قطعاً ، وإن أتينا به بقصد الأمر الاحتمالي ، فلا يقطع معه بحصول الغرض ، لاحتمال اعتبار قصد الوجه في حصوله ، فإذن لا يجب علينا تحصيل القطع بتحقق الغرض ، لعدم إمكانه ، فلا يبقى في البين إلاّالحذر من العقاب وتحصيل المؤمّن منه ، وهو يحصل باتيان الأقل المعلوم وجوبه. وأمّا الأكثر فاحتمال العقاب على تركه يدفع بالأصل وقاعدة قبح العقاب بلا بيان. هذا ملخّص ما أفاده قدسسره من الجوابين.
ولا يخفى ما في كليهما. أمّا الأوّل : ففيه أنّه جدلي ، لأنّ جواز الرجوع إلى البراءة على مسلك الأشعري لا يجدي القائل ببطلانه.
وأمّا الثاني ففيه أوّلاً : أنّ ما ذكره من عدم إمكان القطع بحصول الغرض لو تمّ فانّما يتمّ في التعبديات دون التوصليات ، لعدم توقف حصول الغرض فيها على قصد الوجه قطعاً ، فيلزم القول بوجوب الاحتياط في التوصليات دون التعبديات ، وهو مقطوع البطلان ، ولم يلتزم به أحد حتّى الشيخ نفسه.
وثانياً : أنّ اعتبار قصد الوجه على القول به يختص بصورة الامكان دون ما لو لم يمكن قصد الوجه أصلاً ، لعدم المعرفة بالوجه كما في المقام ، إذ القول باعتبار قصد الوجه مطلقاً مستلزم لعدم إمكان الاحتياط في المقام ، لأنّ معنى الاحتياط هو الاتيان بما يحصل معه العلم بفراغ الذمّة. وهذا ممّا لا يمكن العلم به بناءً على اعتبار قصد الوجه مطلقاً ، إذ لايحصل العلم بالفراغ بالاتيان بالأقل ، لاحتمال وجوب الأكثر ، ولا بالاتيان بالأكثر لاحتمال اعتبار قصد الوجه ، فلا يحصل العلم بالفراغ لا بالاتيان بالأقل ولا بالاتيان بالأكثر. وهذا ممّا لم يلتزم به أحد حتّى الشيخ قدسسره نفسه ، إذ لا إشكال ولا خلاف في إمكان الاحتياط ، بل في حسنه بالاتيان بالأكثر. إنّما الكلام في وجوبه وعدمه ، والسر فيه : أنّ