الاحتمال الأوّل : أن تكون كلمة «ما» موصولة ومفعولاً لقوله «فائتوا» وكلمة «من» تبعيضية متعلقة بـ «ما استطعتم» ، فيكون مفاد الرواية وجوب الاتيان بما هو المقدور من أجزاء المأمور به وشرائطه. والاستدلال بالرواية على المقام مبني على هذا المعنى ، ولكنّه على تقدير تسليم ظهور الجملة فيه في نفسها لا يمكن الالتزام به ، لعدم انطباقه على المورد أوّلاً ، فانّ الذي يعلم بعدم قدرته على الطواف أو بعض الأعمال الاخر من مناسك الحج ، لا يجب عليه الاتيان بالبقية اتفاقاً ، ولعدم مناسبته للسؤال الذي وقع هذا الكلام في جوابه ثانياً ، فانّ السؤال إنّما هو عن وجوب الحج في كل سنة ، ولا يناسبه الجواب بوجوب الاتيان بما هو مقدور من أجزاء المركب وشرائطه.
الاحتمال الثاني : أن تكون كلمة «ما» موصولة وكلمة «من» بيانية ، فيكون حاصل المعنى أنّه إذا أمرتكم بطبيعة فائتوا ما استطعتم من أفرادها ، ولا يبعد أن تكون كلمة «من» إذا كانت بيانية متحدة في المعنى معها إذا كانت تبعيضية ، غاية الأمر أنّه تختلف مصاديق التبعيض باختلاف الموارد ، فانّ الفرد بعض الطبيعة كما أنّ الجزء بعض المركب ، فكما أنّ كلمة «من» في قولنا : اشتريت من البستان نصفه مستعملة في التبعيض ، كذلك في قولنا : لا أملك من البستان إلاّ واحداً ، وعليه فكلمة «من» في كلا الاحتمالين مستعملة في التبعيض. وهذا المعنى الذي لا يتم معه الاستدلال بالرواية على المقام وإن كان وجيهاً في نفسه ، إلاّ أنّه أيضاً لا ينطبق على المورد ، لعدم وجوب الاتيان بما هو مقدور من أفراد الحج في كل سنة بلا خلاف بين المسلمين إلاّما شذّ ، بل هو خلاف ظاهر نفس الرواية ، فانّها ظاهرة أو صريحة في عدم وجوبه في كل سنة ، فلاحظ قوله صلىاللهعليهوآله : «لو قلت نعم لوجب ولما استطعتم» ، فلا يمكن حمل الرواية على هذا المعنى أيضاً.