الرواية الثالثة : هي المرسلة المنقولة عن كتاب العوالي أيضاً عن أميرالمؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «الميسور لايسقط بالمعسور» (١) وهي كسابقتها من حيث السند ، فيجري فيها جميع ما ذكرناه في الرواية السابقة من المناقشات السندية ولا حاجة إلى الاعادة (٢). وأمّا من حيث الدلالة فتحقيق الكلام فيها يتوقف على بيان المحتملات ، وهي امور :
الأوّل : أن تكون كلمة «لا» نهياً ابتداءً ، وعليه فيجري جميع ما ذكرناه من إجمال الرواية وعدم ظهور النهي في كونه مولوياً أو إرشادياً ، وعدم صحّة إرادة الجامع. وكذا يجري ما ذكره صاحب الكفاية من الاشكال ، وهو أنّ شمول الميسور للمستحبات مانع عن التمسك بها على وجوب الباقي من أجزاء المأموربه.
وقد عرفت جوابه أيضاً فلا حاجة إلى الاعادة (٣).
ولكن التحقيق عدم إمكان الالتزام بهذا الاحتمال ، لأنّ النهي سواء كان مولوياً أو إرشادياً لا بدّ من أن يتعلّق بفعل المكلف ، وما هو تحت قدرته واختياره وجوداً وعدماً ، وسقوط الواجب عن ذمّة المكلف كثبوته بيد الشارع ، وليس مقدوراً للمكلف ، فلا معنى للنهي عنه ولو إرشادياً.
الثاني : أن تكون الجملة خبرية قصد بها الانشاء ، فالجملة وإن كانت خبرية ونافية بحسب الصورة اللفظية ، إلاّ أنّها إنشائية بحسب اللبّ والمعنى.
وهذا الاحتمال أيضاً ساقط لعين ما ذكرناه في الاحتمال الأوّل ، فانّه لا فرق بينهما إلاّبحسب الصورة.
__________________
(١) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ح ٢٠٥ (باختلاف يسير)
(٢) راجع ص ٥٥٣
(٣) راجع ص ٥٥٧ ـ ٥٥٨