وحيث إنّه لا جامع بين الوجوب المولوي والارشادي لتكون الرواية شاملة لهما ، ولا قرينة على تعيين أحدهما ، فتكون الرواية مجملةً غير قابلة للاستدلال بها.
هذا ، وقد ذكرنا في الدورة السابقة إشكالاً آخر على الاستدلال بها : وهو أنّه لو حملنا الرواية على تعذّر مجموع المركب مع التمكن من بعض أجزائه ، لزم تقييدها بما إذا كان المتمكن منه معظم الأجزاء ، إذ لو كان المتعذر هو معظم الأجزاء لا يجب الاتيان بالباقي بلا خلاف وإشكال ، والتقييد خلاف الأصل ، فالمتعيّن حملها على تعذّر بعض أفراد الواجب مع التمكن من بعض آخر لعدم لزوم التقييد فيه.
ولكن الانصاف أنّ هذا الاشكال غير وارد عليه ، بناءً على كون المراد من الموصول هو الجامع بين الكل والكلّي ، كما هو مبنى الاستدلال ، إذ المفروض دخول الكلّي الذي تعذّر بعض أفراده في الموصول ، سواء كان المتعذر معظم الأفراد والمتمكن منه أقلّها أو بالعكس ، فلا دوران بين التقييد وعدمه ليترجح الثاني على الأوّل. نعم ، لو كان الاستدلال مبنياً على حمل الرواية على خصوص تعذّر المركب دون الجامع بينه وبين الكلّي كان للاشكال المذكور وجه.
إن قلت : ظهور الأمر في المولوية يعيّن احتمال تعذّر بعض أجزاء المركب ، فلم يبق إجمال في الرواية.
قلت : هذا إنّما يصح فيما إذا علم متعلق الأمر وشكّ في كونه مولوياً أو إرشادياً. وأمّا إذا دار الأمر بين تعلّقه بما لا يصح تعلقه به إلاّإرشادياً ، وبين تعلّقه بما يكون تعلّقه به مولوياً ، فلا ظهور للأمر في تعيين متعلقه ، إذ ليس ظهور الأمر في المولوية ظهوراً وضعياً ليكون قرينة على تعيين المتعلق ، بل هو ظهور مقامي ناشئ عن كون المتكلم في مقام الجعل والتشريع ، فلا يصلح للقرينية على تعيين المتعلق.