العبد مستحقاً للعقاب على فعل ما نهى المولى عنه ، فلم يستعمل الأمر في موارد الوجوب والاستحباب إلاّفي معنى واحد ، إنّما التفاوت بينهما في ثبوت الترخيص في الترك من قبل المولى وعدمه. فعلى الأوّل لم يبق مجال لحكم العقل بلزوم الاتيان بالفعل ، فكان الفعل راجحاً مع الترخيص في تركه ، وهذا هو معنى الاستحباب. وعلى الثاني يحكم العقل بلزوم الاتيان بالفعل جريا على قانون العبودية ، وهذا معنى الوجوب.
وكذا الحال في النهي ، فانّ المستعمل فيه في موارد الحرمة والكراهة شيء واحد إنّما التفاوت بينهما في ثبوت الترخيص من قبل المولى على الفعل وعدمه فعلى الأوّل كان الفعل مكروهاً ، وعلى الثاني حراماً بحكم العقل.
فتحصّل : أنّ شمول الموصول للمستحبات لا ينافي ظهور النهي في التحريم ، لأنّ الترخيص بترك المقدور من أجزائها لا ينافي حكم العقل بلزوم الاتيان بالمقدور من أجزاء الواجب بعد عدم ثبوت الترخيص في تركها.
وثانياً : أنّ رجحان الاتيان بغير المتعذر من أجزاء الواجب يستلزم وجوبه لعدم القول بالفصل ، فانّ الأمر دائر بين كونه واجباً أو غير مشروع ، فرجحانه مستلزم لوجوبه كما هو ظاهر.
والتحقيق في الجواب ـ مضافاً إلى كون الرواية ضعيفة غير منجبرة على ما تقدّم بيانه (١) ـ أن يقال : إنّ أمر الرواية دائر بين حملها على تعذّر الاتيان بمجموع أجزاء المركب مع التمكن من بعضها ، ليكون الوجوب المستفاد منها مولوياً ، وبين حملها على تعذّر بعض أفراد الواجب مع التمكن من البعض الآخر ، ليكون الوجوب إرشادياً إلى حكم العقل بعدم سقوط واجب بتعذّر غيره
__________________
(١) في ص ٥٥٣