وبدونه اخرى ، وذلك لأنّ المأمور به هو الطبيعي وله أفراد طولية ، فالمكلف متمكن من الموافقة القطعية بتكرار العمل ، ومن المخالفة القطعية بترك العمل رأساً ، فيكون العلم الاجمالي منجّزاً للتكليف لا محالة ، فيجب الاحتياط. وأمّا عدم التمكن من المخالفة القطعية في الفرد الخارجي لاستحالة ارتفاع النقيضين فهو لا ينافي تنجيز العلم الاجمالي بعد تمكن المكلف من المخالفة القطعية في اصل المأمور به وهو الطبيعة ، إذ الاعتبار إنّما هو بما تعلّق به التكليف لا بالفرد الخارجي ، فلا مناص من القول بوجوب الاحتياط في المقام ، وإن قلنا بالبراءة في دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، إذ في المقام لنا علم إجمالي باعتبار شيء في المأمور به ، غاية الأمر أنّا لا ندري أنّ المعتبر هو وجوده أو عدمه في المأمور به ، فلا بدّ من الاحتياط والاتيان بالعمل مع وجوده تارةً وبدونه اخرى ، تحصيلاً للعلم بالفراغ ، بخلاف دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فانّه ليس فيه إلاّاحتمال اعتبار شيء في المأمور به ، فيكون مجرى للبراءة على ما مرّ تفصيل الكلام فيه (١) ، فكيف يقاس العلم بالاعتبار على الشك فيه ، ومن العجيب أنّ الشيخ (٢) قدسسره التزم بوجوب الاحتياط عند دوران الأمر بين القصر والتمام ، مع أنّه داخل تحت كبرى هذه المسألة ومن صغرياتها ، لأنّ الركعة الثالثة والرابعة أمرهما دائر بين الجزئية والمانعية كما هو واضح. وإن شئت قلت : إنّ التسليم في الركعة الثانية على تقدير وجوب القصر جزء للواجب ، وعلى تقدير وجوب التمام مانع عن الصحّة ومبطل للصلاة.
__________________
(١) في ص ٤٩٧ وما بعدها
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٤٤١ و ٤٤٢