المسألة الثانية : ما إذا كانت الوقائع متعددة وإن لم يكن للواجب أفراد طولية ولا عرضية ، كما إذا دار الأمر بين كون شيء شرطاً في الصوم أو مانعاً عنه ، وحيث إنّ المكلف به متعدد فالحكم فيه هو التخيير الابتدائي ، فله أن يختار الفعل في جميع الأيام أو الترك كذلك ، ولا يجوز له أن يأتي به في يوم ويتركه في يوم آخر ، لكونه موجباً للمخالفة القطعية. وقد تقدّم أنّ العقل يحكم بقبحها ولو كانت تدريجية ملازمةً للموافقة القطعية أيضاً من جهة. ومرّ تفصيل الكلام فيه في بحث دوران الأمر بين المحذورين (١).
المسألة الثالثة : ما إذا كان الواجب واحداً ذا أفراد طولية بحيث يكون المكلف متمكناً من الاحتياط وتحصيل العلم بالموافقة بالاتيان بالواجب مع هذا الشيء مرّةً وبدونه اخرى ، كما في المثال المذكور في المسألة الاولى ، مع سعة الوقت ، فهل الحكم في مثل ذلك هو التخيير أيضاً أو الاحتياط وتكرار العمل؟
ظاهر شيخنا الأنصاري (٢) قدسسره ابتناء هذه المسألة على النزاع في دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فعلى القول بوجوب الاحتياط هناك لا بدّ من الاحتياط في المقام أيضاً ، وعلى القول بالبراءة فيه يحكم بجريان البراءة في المقام ، فانّ العلم الاجمالي باعتبار وجود شيء أو عدمه لا أثر له ، لعدم تمكن المكلف من المخالفة العملية القطعية ، لدوران الأمر بين فعل شيء وتركه ، وهو لا يخلو من أحدهما ، مع قطع النظر عن العلم الاجمالي ، فلم يبق إلاّالشك في الاعتبار ، وهو مورد لأصالة البراءة.
ولكن التحقيق وجوب الاحتياط والاتيان بالواجب مع هذا الشيء مرّةً
__________________
(١) في ص ٣٩٨
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٠٢ و ٥٠٣