الجاري تنزيلياً كالاستصحاب أو قامت أمارة على ثبوت الاباحة الواقعية يترتب عليه الالزام ظاهراً ، لاحراز موضوعه بالتعبد ، والعجب من الفاضل التوني قدسسره حيث لم يعتبر الاستصحاب في مسألة الشك في صيرورة ماءٍ كراً ، بعد القطع بعدم كونه كراً ، فأصابته نجاسة ، فقال بعدم ترتب النجاسة على استصحاب قلّة الماء ، مع أنّ الاستصحاب من الاصول التنزيلية وبمنزلة القطع الطريقي.
وأمّا القسم الثاني : فيترتب على الأصل الجاري فيه الالزام ، سواء كان الأصل تنزيلياً أو غيره ، لتحقق موضوع الالزام على كل تقدير كما هو واضح.
وأمّا القسم الثالث : فيكفي في فعلية الالزام فيه ثبوت الاباحة الظاهرية ، غاية الأمر أنّ الالزام حينئذ ظاهري ، فإذا انكشف الخلاف يحكم بعدم ثبوت الالزام من أوّل الأمر ، بخلاف القسم الثاني ، فانّ كشف الخلاف فيه يستلزم ارتفاع الالزام من حين الانكشاف لا من أوّل الأمر. ولنذكر مثالين لهذين القسمين ليتّضح الفرق بينهما فنقول : أمّا مثال القسم الثالث فهو وجوب حجّة الاسلام المترتب على الاستطاعة وإباحة المال الذي به صار المكلف مستطيعاً ، فلو حكم باباحة المال لجريان أصل من الاصول التنزيلية أو غيرها ، يترتب عليه وجوب حجّة الاسلام ظاهراً ، فلو انكشف الخلاف وبان عدم إباحة المال له ينكشف عدم كونه مستطيعاً وعدم وجوب حجّة الاسلام عليه من أوّل الأمر. وأمّا مثال القسم الثاني فهو الماء المشكوك في إباحته ، فانّ وجوب التوضي به واقعاً مترتب على إباحته ظاهراً ، فلو أحرزنا إباحته الظاهرية ـ ولو بأصالة الاباحة أو أصالة البراءة مثلاً ـ يترتب عليها وجوب التوضي به واقعاً ، وبعد انكشاف الخلاف يرتفع الوجوب من حين الانكشاف دون ما قبله.