الأحكام الشرعية ، وفي مقام التشريع ، وهي على أقسام :
فمنها : ما تكون الجملة مستعملة في مقام الاخبار عن عدم تحقق شيء كنايةً عن مبغوضيته فيكون الكلام نفياً اريد به النهي ، والسر في صحّة هذا الاستعمال هو ما ذكرناه في مبحث الأوامر (١) من أنّ الاخبار عن عدم شيء كالاخبار عن وجوده ، فكما صحّ الاخبار عن وجود شيء في مقام الأمر به ، بمعنى أنّ المؤمن الممتثل يفعل كذا ، كقول الفقهاء يعيد الصلاة أو أعاد الصلاة ، كذلك صحّ الاخبار عن عدم وجود شيء في مقام النهي عنه بالعناية المذكورة أي بمعنى أنّ المؤمن لا يفعل كذا. وقد وقع هذا الاستعمال في الآيات والروايات.
أمّا الآيات فكقوله تعالى : «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ» (٢). وأمّا الروايات فكقوله صلىاللهعليهوآله : «لا غش بين المسلمين» (٣).
فظهر بما ذكرناه أنّه لا وجه لانكار صاحب الكفاية قدسسره تعاهد هذا النحو من الاستعمال للتركيب المشتمل على كلمة «لا» التي لنفي الجنس (٤).
ومنها : ما تكون الجملة فيه مستعملة أيضاً في مقام الاخبار عن عدم تحقق شيء في الخارج ، لكن لا بمعنى عدم التحقق مطلقاً ، بل بمعنى عدم وجود الطبيعة في ضمن فرد خاص أو حصّة خاصّة ، بمعنى أنّ الطبيعة غير منطبقة على هذا الفرد أو على هذه الحصّة. والمقصود نفي الحكم الثابت للطبيعة عن
__________________
(١) لاحظ محاضرات في اصول الفقه ١ : ٤٨٣
(٢) البقرة ٢ : ١٩٧
(٣) كنز العمال ٤ : ٦٠ و ١٥٨ / ح ٩٥١١ و ٩٩٧٠
(٤) كفاية الاصول : ٣٨٢