المقدّسة فيستفاد منه نفي الحكم الثابت له في الشرائع السابقة أو في العرف كما في قوله صلىاللهعليهوآله : «لا رهبانية في الاسلام» (١) فانّ الرهبانية كانت مشروعة في الامم السابقة ، فنفيها في الاسلام كناية عن نفي تشريعها. وكقوله صلىاللهعليهوآله : «لا مناجشة في الاسلام» (٢) فانّ الازدياد في ثمن السلعة من غير إرادة شرائها كان متعارفاً عند العرف فنفاه الشارع. والمقصود نفي تشريعها ، ومن هذا الباب قوله عليهالسلام : «لا قياس في الدين» (٣) فانّ حجّية القياس كانت مرتكزة عند العامّة فنفاها بنفيه. وبالجملة : الحكم المنفي في هذا القسم هو ما كان ثابتاً للموضوع في الشرائع السابقة أو في سيرة العرف ، بلا فرق بين أن يكون إلزامياً أو غير إلزامي ، تكليفياً أو وضعياً.
واخرى تكون الجملة مستعملةً في نفي نفس الحكم الشرعي ابتداءً ، كما في قوله تعالى : «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (٤) فانّ ثبوت الحرج في الشريعة إنّما هو بجعل حكم حرجي ، فنفيه في الشريعة إنّما هو بعدم جعل حكم يلزم من امتثاله الحرج على المكلف.
إذا عرفت ما ذكرناه من موارد استعمال كلمة «لا» النافية للجنس ، فلنرجع إلى استظهار المراد من الحديث الشريف ، وما يستفاد منها بحسب خصوصية
__________________
(١) المستدرك ١٤ : ١٥٥ / أبواب مقدّمات النكاح ب ٢ ح ٢
(٢) كنز العمال ٤ : ٣٨٣ / ح ١١٠٢٥
(٣) لم نجد هذا النص في مصادر الحديث المتداولة والموجود فيها : «لا رأي في الدين» و «ليس في دين الله قياس» ونحوهما ، راجع الوسائل ٢٧ : ٣٥ / أبواب صفات القاضي ب ٦ ح ٣٤ و ٣٧
(٤) الحج ٢٢ : ٧٨