بيانه (١) ، كما في قوله عليهالسلام : «لا رِبا بين الوالد والولد» (٢) ، فانّ الرِّبا بمعنى الزيادة موجود بينهما ، إنّما المقصود نفي الحرمة. وعليه فيكون مفاد الجملتين أنّ الأحكام الثابتة لموضوعاتها ـ حال عدم الضرر ـ منفية عنها إذا كانت تلك الموضوعات ضررية ، فانّ الوضوء إذا كان ضررياً ينفى عنه الوجوب.
واختار هذا الاحتمال صاحب الكفاية قدسسره (٣).
وهذا الاحتمال أيضاً ممّا لا يمكن الالتزام به في المقام ، وإن كان الاستعمال المذكور صحيحاً في نفسه ، كما ذكرناه في الأمثلة المتقدمة ، وذلك لأنّ المنفي في المقام هو عنوان الضرر ، والضرر ليس عنواناً للفعل الموجب للضرر ، بل مسبب عنه ومترتب عليه ، فلو كان النفي نفياً للحكم بلسان نفي موضوعه ، لزم أن يكون المنفي في المقام الحكم الثابت لنفس الضرر ، لا الحكم المترتب على الفعل الضرري ، فيلزم نفي حرمة الاضرار بالغير بلسان نفي الاضرار ، وهو خلاف المقصود ، فانّ المقصود حرمة الاضرار بالغير.
هذا مضافاً إلى أنّ الضرر بالنسبة إلى الحكم المترتب عليه موضوع ، فهو مقتضٍ له ، فكيف يعقل أن يكون مانعاً عنه. نعم ، لو كان المنفي في المقام هو الفعل الضرري أمكن القول بأنّ المراد نفي حكم هذا الفعل بلسان نفي الموضوع كالوضوء الضرري مثلاً ، فما هو المنفي في المقام لا يمكن الالتزام بنفي حكمه بلسان نفي الموضوع ، وما يمكن الالتزام بنفي حكمه بلسان نفي الموضوع لا يكون منفياً في المقام.
__________________
(١) في ص ٦٠٨ ـ ٦٠٩
(٢) تقدّم في ص ٦٠٩
(٣) كفاية الاصول : ٣٨١