وبالجملة : نفي الحكم بلسان نفي الموضوع إنّما يكون فيما إذا كان دليل بعمومه أو إطلاقه شاملاً لمورد الضرر ، ليكون دليل النفي ناظراً إلى نفي شموله لمورد الضرر بلسان نفي انطباق الموضوع عليه. وأمّا إذا كان المنفي عنوان الضرر فلا معنى لنفي الحكم الثابت له بعنوانه وهو الحرمة لما ذكرناه.
وربّما يقال ـ كما في الكفاية (١) ـ إنّ رفع الخطأ والنسيان في حديث الرفع إنّما يكون رفعاً للحكم المتعلق بالفعل الصادر حال الخطأ والنسيان ، بلسان رفع الموضوع ، مع أنّ المرفوع في ظاهر الحديث هو نفس الخطأ والنسيان ، فليكن المقام كذلك ، وعليه فالمنفي هو حكم الفعل الضرري بلسان نفي الموضوع.
وفيه أوّلاً : أنّ الالتزام بنفي الحكم عن الفعل الصادر حال الخطأ والنسيان في حديث الرفع إنّما هو للقرينة القطعية ، باعتبار أنّ رفع الخطأ والنسيان تكويناً مستلزم للكذب ، لوجودهما بالوجدان ، ورفع الحكم المتعلق بنفس الخطأ والنسيان مستلزم للخلف والمحال ، فانّ الموضوع هو المقتضي للحكم فكيف يعقل أن يكون رافعاً له ، فلا مناص من الحمل على رفع الحكم المتعلق بالفعل الصادر حال الخطأ والنسيان. وهذا بخلاف المقام إذ يمكن فيه تعلّق النفي بنفس الضرر في مقام التشريع ، ليكون مفاده نفي جعل الحكم الضرري على ما سيجيء بيانه قريباً (٢) إن شاء الله تعالى.
وثانياً : أنّ نسبة الخطأ والنسيان إلى الفعل هي نسبة العلّة إلى المعلول ، فيصح أن يكون النفي نفياً للمعلول بنفي علّته ، فيكون المراد أنّ الفعل الصادر حال الخطأ والنسيان كأ نّه لم يصدر في الخارج أصلاً فيرتفع حكمه لا محالة ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٤١
(٢) في ص ٦١٥