الثالث : أن يكون المراد نفي الضرر غير المتدارك ، ولازمه ثبوت التدارك في موارد الضرر بأمر من الشارع ، فانّ الضرر المتدارك لا يكون ضرراً حقيقة.
وهذا الوجه أبعد الوجوه ، إذ يرد عليه أوّلاً : أنّ التقييد خلاف الأصل فلا يصار إليه بلا دليل.
وثانياً : أنّ التدارك الموجب لانتفاء الضرر ـ على تقدير التسليم ـ إنّما هو التدارك الخارجي التكويني لا التشريعي ، فمن خسر مالاً ثمّ ربح بمقداره صحّ أن يقال ـ ولو بالمسامحة ـ أنّه لم يتضرر. وأمّا حكم الشارع بالتدارك ، فلا يوجب ارتفاع الضرر خارجاً ، فمن سرق ماله متضرر بالوجدان ، مع حكم الشارع بوجوب ردّه عليه.
وثالثاً : أنّ كل ضرر خارجي ليس ممّا حكم الشارع بتداركه تكليفاً أو وضعاً ، فانّه لو تضرر تاجر باستيراد تاجر آخر لا يجب عليه تداركه ، مع كون التاجر الثاني هو الموجب للضرر على التاجر الأوّل ، فضلاً عمّا إذا تضرر شخص من دون أن يكون أحد موجباً للضرر عليه ، كمن احترقت داره مثلاً ، فا نّه لا يجب على جاره ولا على غيره تدارك ضرره. نعم ، لو كان الاضرار باتلاف المال وجب تداركه على المتلف ، لكن لا بدليل لا ضرر ، بل بقاعدة الاتلاف من أنّه من أتلف مال الغير فهو له ضامن.
الرابع : ما أفاده شيخنا الأنصاري قدسسره من أنّ المراد نفي الحكم الناشئ من قبله الضرر ، فيكون الضرر عنواناً للحكم لكونه معلولاً له في مقام الامتثال ، فكل حكم موجب لوقوع العبد المطيع في الضرر فهو مرتفع في عالم التشريع. وأمّا العبد العاصي فهو لا يتضرر بجعل أيّ حكم من الأحكام لعدم امتثاله. وبالجملة : مفاد نفي الضرر في عالم التشريع هو نفي الحكم الضرري ، كما