والاطلاقات المثبتة للتكاليف. والثانية : كبروية ، وهي أنّ كل دليل حاكم يقدّم على المحكوم بلا ملاحظة النسبة والترجيح بينهما.
أمّا الدعوى الاولى : فبيانها أنّ كل دليلين يكون بينهما تنافٍ إن لم يكن أحدهما ناظراً إلى الآخر ، بل كان التنافي بينهما لعدم إمكان الجمع بين مدلوليهما للتضاد أو التناقض ، والأوّل كما في أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ، والثاني كما في أكرم العلماء ولا يجب إكرام الفساق ، بالنسبة إلى مادة الاجتماع ، فهذا هو التعارض ، فلا بدّ فيه من الرجوع إلى قاعدة التعارض من تقديم الأقوى منهما دلالةً أو سنداً ، أو التخيير أو التساقط على اختلاف الموارد والمسالك ، والتفصيل موكول إلى محلّه ، وهو بحث التعادل والترجيح. وأمّا إن كان أحدهما ناظراً إلى الآخر فهو حاكم عليه ومبيّن للمراد منه.
ثمّ إنّ النظر إلى الآخر قد يكون بمدلوله المطابقي وبمفاد أعني وأردت ، وقد يكون بمدلوله الالتزامي.
والأوّل : إمّا أن يكون ناظراً إلى ظهور الدليل الآخر وجهة دلالته على المراد الجدي. وهذا القسم من الحكومة في الروايات نادر جداً ، حتّى ادّعى المحقق النائيني قدسسره عدم وجوده (١). لكن الحق وجوده في الروايات مع الندرة ، ومن ذلك قوله عليهالسلام : إنّما عنيت بذلك الشك بين الثلاث والأربع (٢) بعد ما سئل عن قوله عليهالسلام «الفقيه لا يعيد الصلاة». وإمّا أن يكون ناظراً إلى جهة صدور الدليل الآخر ، كما إذا ورد دليل ظاهر في بيان الحكم الواقعي ، ثمّ ورد دليل آخر على أنّ الدليل الأوّل إنّما صدر عن تقية لا لبيان
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٠٦ ، فوائد الاصول ٤ : ٧١٠
(٢) الوسائل ٨ : ١٨٨ و ٢١٥ / أبواب الخلل ب ١ ح ٥ وب ٩ ح ٣ وفيهما «إنّما ذلك في الثلاث والأربع»