هذا ، ولكن التحقيق عدم شمول حديث لا ضرر للمقام ، لأنّ مقتضى الفقرة الاولى عدم حرمة التصرف لكونها ضرراً على المالك ، ومقتضى الفقرة الثانية ـ وهي لا ضرار ـ حرمة الاضرار بالغير على ما تقدّم بيانه (١) ، فيقع التعارض بين الصدر والذيل ، فلا يمكن العمل بإحدى الفقرتين. وإن شئت قلت : إنّ حديث لا ضرر لا يشمل المقام أصلاً لا صدراً ولا ذيلاً ، لما ذكرناه (٢) من كونه وارداً مورد الامتنان على الامّة الاسلامية ، فلا يشمل مورداً كان شموله له منافياً للامتنان ، ومن المعلوم أنّ حرمة التصرف والمنع عنه مخالف للامتنان على المالك ، والترخيص فيه خلاف الامتنان على الجار ، فلايكون شيء منهما مشمولاً لحديث لا ضرر.
وبما ذكرناه ظهر أنّه لا يمكن التمسك بحديث لا ضرر فيما كان ترك التصرف موجباً لفوات المنفعة وإن لم يكن ضرراً عليه ، لأنّ منع المالك عن الانتفاع بملكه أيضاً مخالف للامتنان ، فلا يكون مشمولاً لحديث لا ضرر ، فلا يمكن التمسك بحديث لا ضرر في المقام أصلاً ، بل لا بدّ من الرجوع إلى غيره ، فإن كان هناك عموم أو إطلاق دلّ على جواز تصرف المالك في ملكه حتّى في مثل المقام يؤخذ به ويحكم بجواز التصرف ، وإلاّ فيرجع إلى الأصل العملي وهو في المقام أصالة البراءة عن الحرمة ، فيحكم بجواز التصرف. وبما ذكرناه ظهر الحكم فيما إذا كان التصرف في مال الغير موجباً للضرر على الغير ، وتركه موجباً للضرر على المتصرف ، فيجري فيه الكلام السابق من عدم جواز الرجوع إلى حديث لا ضرر ، لكونه وارداً مورد الامتنان ، فيرجع إلى عموم أدلة حرمة التصرف في مال الغير ، كقوله صلىاللهعليهوآله : «لا يحل مال
__________________
(١) في ص ٦١٨ / التنبيه الأوّل
(٢) في ص ٦٣٢