للحكم الظاهري ، لارتفاع موضوعه بوصول الواقع.
وبعبارة اخرى : حكم العقل بلزوم الامتثال إنّما هو بعد وصول الحكم إلى المكلف ، بلا فرق في ذلك بين الحكم الواقعي والظاهري ، ووصول كلا الحكمين إلى المكلف في عرض واحد محال ، لكون الحكم الظاهري دائماً في طول الحكم الواقعي ، فمع وصول الحكم الواقعي ينتفي الحكم الظاهري بانتفاء موضوعه ، فلا يحكم العقل إلاّبلزوم امتثال الحكم الواقعي ، ومع عدم وصول الحكم الواقعي لا يحكم العقل إلاّبلزوم امتثال الحكم الظاهري ، فلا تنافي بين الحكمين في مقام الامتثال أبداً.
هذا بخلاف الحكم الظاهري المجعول في أطراف العلم الاجمالي ، فانّ التنافي بينه وبين الحكم الواقعي الواصل بالعلم الاجمالي في مقام الامتثال واضح ، لما تقدّم (١) من عدم الفرق في حكم العقل بلزوم الامتثال بين وصول الحكم بالعلم التفصيلي والاجمالي ، فإن كان الحكم الظاهري على خلاف الحكم الواقعي المعلوم بالاجمال على ما هو المفروض ، لزم محذور اجتماع الضدّين في مقام الامتثال ، فكيف يقاس المقام بالشبهة البدوية. نعم ، يرد النقض بالشبهة غير المحصورة لوصول الحكم الواقعي فيها أيضاً بالعلم الاجمالي. ومجرد قلّة الأطراف وكثرتها لا يوجب الفرق في حكم العقل بلزوم الامتثال.
وأمّا نحن ففي فسحة من هذا النقض ، لأنّا نقول بعدم الفرق بين قلّة الأطراف وكثرتها في حكم العقل بلزوم الامتثال ، فكما لا نلتزم بجريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي مع قلّتها ، كذا لا نقول بجريانه مع كثرتها ، نعم لو كانت الشبهة ممّا لا يمكن إحراز الامتثال فيها أصلاً ـ لعدم قدرة المكلف على الاتيان
__________________
(١) في ص ٧٥ ـ ٧٦