عامّة ، فليس هنا إلاّ خالق واحد هو الله سبحانه وما سواه مخلوق ، وليس بين الخالق وعامّة المخلوقات أيُّ سبب تبعي أو علّة يؤثر بإذنه سبحانه.
وعلى ضوء هذا التفسير : أنكروا العلّيّة والمعلولية والتأثير والتأثّر بين الموجودات الإمكانية ، فزعموا انّ آثار الظواهر الطبيعية كلّها مفاضة منه سبحانه من دون أن يكون هناك رابطة بين الظاهرة المادية وآثارها ، فعلى مذهبهم «النار حارّة» بمعنى انّه جرت سنّة الله على إيجاد الحرارة عند وجود النار مباشرة من دون أن تكون هناك علقة بين النار وحرارتها ، والشمس وإضاءتها ، والقمر وإنارته ، بل عادة الله سبحانه جرت على إيجاد الضوء والنور مباشرة عقيب وجود الشمس والقمر دون أن يكون هناك نظام وقانون تكويني باسم العلّيّة والمعلولية ، وعلى ذلك فليس في صفحة الوجود إلاّ علّة واحدة ، ومؤثر واحد ، يؤثّر بقدرته وسلطانه في كلّ الأشياء من دون أن يُعمل سبحانه قدرته ويظهر سلطانه عن طريق إيجاد الأسباب والمؤثرات ، بل هو بنفسه شخصياً قائم مقام جميع ما يُتصور من العلل والأسباب التي كشف عنها العلم طيلة قرون.
وقد سادت هذه الفكرة على شرائح واسعة من العلماء والمفكّرين طيلة عصور متمادية ، فيقولون : «جرت عادة الله على خلق هذا بعد ذلك» أي خلق الحرارة بعد النار والبرودة بعد الماء ، وقد بلغ إصرارهم على إنكار أصل العلّيّة حداً كفّروا من يتفوّه بالعلّيّة أو مقتضى الطبيعة ـ كما نقله الزبيدي ـ.
وهذا هو الأزهر كان يُدرّس فيها قول الناظم :
ومن يقل بالطبع أو بالعلّة |
|
فذاك كفر عند أهل الملّة |
نعم ظهر في الآونة الأخيرة مفكِّرون آثروا اتّباع الحقّ على تقليد الأئمة وأصحروا بالحقيقة كما تأتي أسماؤهم ونصوصهم فانتظر.