(جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ، فلمّا كان الجزاء واقعاً على أعمالهم كان الخالق لأعمالهم. (١)
وترى لِدَة هذه العبارات في غير واحد من الرسائل التي أُلّفت لبيان عقيدة أهل الحديث والأشاعرة ـ التي اشتُقَّت من أهل الحديث ـ ننقل منها ما يتعلّق بالمتأخرين منهم.
٤. قال السيد الشريف الجرجاني في «شرح المواقف» : إنّ أفعال العباد الاختيارية ، واقعة بقدرة الله سبحانه وحدها وليس لقدرتهم تأثير فيها ، والله سبحانه أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختياراً ، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارناً لهما ، فيكون فعل العبد مخلوقاً لله إبداعاً وإحداثاً ومكسوباً للعبد ، والمراد بكسبه إيّاه ، مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون هناك من تأثير ومدْخل في وجوده ، سوى كونه محلاً له ، وهذا مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري. (٢)
٥. وقال الزبيدي في «إتحاف السادة» : إنّ الإله ، هو الذي لا يمانعه شيء ، وإنّ نسبة الأشياء إليه على السويّة ، وبهذا بطل قول المجوس وكلّ من أثبت مؤثراً غير الله من علّة أو طبع أو ملك أو إنس أو جن ، ولذلك لم يتوقف علماء ما وراء النهر في تكفير المعتزلة حيث جعلوا التأثير للإنسان. (٣)
وهذا المقدار من النصوص يكفي فيما هو المقصود (وما أبعد بينه وبين ما يمرّ عليك من ابن تيميّة من أنّ أكثر أهل السنّة يعترفون بالعلل الطبيعية).
وحاصل تلك العقيدة هو إنكار الأسباب والمسبّبات في صحيفة الوجود
__________________
(١) اللمع : ٦٩.
(٢) شرح المواقف : ٨ / ١٤٦.
(٣) إتحاف السادة : ٢ / ١٣٥.