المبدأ بفيضان الأشياء عنه ، وانّه غير مناف لذاته ، هو إرادته لذلك ورضاه ، فهذه هي الإرادة الخالية عن النقص والإمكان. (١)
أقول : إنّ تفسير الإرادة الإلهية بالعلم بالأصلح هو الظاهر من أكثر المتأخّرين بعد صدر المتألّهين ، وقد تلقّاه الحكيم السبزواري أصلاً مسلّماً ففسّرها به ، قال في منظومته :
عقيب داع ، دركنا الملائما |
|
شوقاً مؤكداً إرادة سما |
وفيه عين الداع عين علمه |
|
نظام خير هو عين ذاته(٢) |
يلاحظ عليه : أنّ تفسير الإرادة الإلهية بالعلم بالأصلح أو العلم العنائي وإن كان سليماً عن إشكال الحدوث والتدرّج حيث إنّ علمه سبحانه بذاته علم فعلي قديم منزّه عن وصمة الحدوث والتدرج ، إلاّ أنّ إرجاع الإرادة إلى العلم ، يلازم نفي واقع الإرادة عنه سبحانه ، لأنّ العلم والإرادة حقيقتان مختلفتان ، فتفسير الثانية بالأوّل ، إثبات لوصف العلم ، ونفي لوصف الإرادة ، فيُصبح سبحانه فاعلاً عالماً غير مريد ، مع أنّ الفاعل العالم المريد أفضل وأكمل من الفاعل العالم غير المريد.
وقد نبّه بذلك بعض أئمّة أهل البيت. روى بكير بن أعين أنّه قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ : علمه ومشيئته هما مختلفان أو متّفقان؟ فقال : «العلم ليس هو المشيئة ، ألا ترى أنّك تقول : سأفعل كذا إن شاء الله ولا تقول : سأفعل كذا
__________________
(١) الأسفار : ٦ / ٣١٦ ، الموقف الرابع ، الفصل الثاني. ولاحظ أيضاً ص ٣٤١ ، ٣٤٢.
(٢) شرح المنظومة : ١٧٩.