إن علم الله ، فقولك : إن شاء الله دليل على أنّه لم يشأ ، فإذا شاء ، كان الذي شاء كما شاء وعلم الله السابق للمشيئة». (١)
ثمّ إنّ العلاّمة الطباطبائي ممّن يسلّم انّ علمه بنظام الخير مبدأ له ، ومع ذلك يُنكر تسمية العلم بالأصلح والنظام الأتم إرادة فقال : إنّ ما ذكره صدر المتألّهين وغيره من الحكماء المتقدّمين من أمر الإرادة الذاتية ، وأقاموا عليه البرهان ، فهو حقّ ، لكن الذي تثبته البراهين انّ ما سواه تعالى يستند إلى قدرته التي هي مبدئيته المطلقة للخير وعلمه بنظام الخير ، وأمّا تسمية العلم بالخير والأصلح ، إرادة أو انطباق مفهوم الإرادة بعد التجريد على العلم بالأصلح الذي هو عين الذات فلا.
نعم قام البرهان على أنّه واجد لكلّ كمال وجودي ، وهذا لا يوجب تخصيص الإرادة من بينها بالذكر في ضمن الصفات الذاتية. وبالجملة ما ذكروه حق من حيث المعنى وإنّما الكلام في إطلاق لفظ الإرادة وانطباق ما جرّد من مفهومها ، على صفة العلم. (٢)
وليعلم أنّ القول باتّحاد صفاته سبحانه مع ذاته ليس بمعنى أنّ كلّ وصف عين الوصف الآخر كأن تكون الإرادة عين العلم ، بل المراد أنّ ذاته سبحانه كلّه علم وفي الوقت نفسه كلّه قدرة وكلّه حياة دون أن يشكّل العلم جزءاً من الذات والقدرة جزءاً آخر حتّى يلزم التركيب ، فلا يصحّ أن يقع القول بعينيّة صفاته مع الذات ، ذريعة لتفسير الإرادة بالعلم بالأصلح.
__________________
(١) الكافي : ١ / ١٠٩ ، باب الإرادة من صفات الفعل.
(٢) الأسفار : ٦ / ٣١٦ قسم التعليقة.