فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم ، وتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها كلّها كما قلنا من التوراة أو ممّا كانوا يفترون. (١)
ومن أكابر أحبار اليهود الذين تظاهروا بالإسلام هو كعب الأحبار ، فقد خدع عقول المسلمين وحتى الخلفاء والمترجمين له من علماء الرجال ، وقد أسلم في زمن أبي بكر ، وقدم من اليمن في خلافة عمر فأخذ عنه الصحابة وغيرهم.
قال الذهبي : العلاّمة الحبر الذي كان يهودياً فأسلم بعد وفاة النبيّ ، وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر ، وجالس أصحاب محمد ، فكان يحدّثهم عن الكتب الإسرائيلية ويحفظ عجائب ـ إلى أن قال : ـ حدّث عنه أبو هريرة ومعاوية وابن عباس وذلك من قبيل رواية الصحابي عن تابعي وهو نادر عزيز ، وحدّث عنه أيضاً أسلم «مولى عمر» وتبيع الحميري ابن امرأة كعب ، وروى عنه عدّة من التابعين كعطاء بن يسار وغيره مرسلاً ، وقع له رواية في سنن أبي داود والترمذي والنسائي. (٢)
وعرّفه الذهبي أيضاً في بعض كتبه بأنّه من أوعية العلم. (٣)
فقد وجد الحبر الماكر جوّاً ملائماً لنشر الأساطير والقصص الوهمية ، وبذلك بثّ سمومه القتّالة بين الصحابة والتابعين ، وقد تبعوه وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً.
وقد تنبّه إلى جسامة الخسارة التي أحدثها ذلك الحبر ، لفيف من السابقين ،
__________________
(١) مقدّمة ابن خلدون : ٤٣٩.
(٢) سير أعلام النبلاء : ٣ / ٤٨٩.
(٣) تذكرة الحفّاظ : ١ / ٥٢.