المؤمنون والمنافقون جميعاً : نعم ، أنت ربّنا. وإنّما عرفوه بالساق ، إذ كشف لهم عنها ، فكانت هي آيته الدالة عليه ، فيتسنّى حينئذ السجود للمؤمنين منهم ، دون المنافقين ، وحين يرفعون رءوسهم يرون الله ماثلاً فوقهم بصورته التي يعرفون لا يمارونَ فيه ، كما كانوا في الدنيا لا يُمارون في الشمس والقمر ، ماثلين فوقهم بجرميهما النيرين ليس دونهما سحاب ، وإذا به ، بعد هذا يضحك ويعجب من غير معجب ، كما هو يأتي ويذهب إلى آخر ما اشتمل عليه الحديثان ممّا لا يجوز على الله تعالى ، ولا على رسوله ، بإجماع أهل التنزيه من أشاعرة وغيرهم ، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم. (١)
٢. روى البخاري في كتاب الصلاة ، باب مواقيت الصلاة ، وفضيلتها عن قيس (بن أبي حازم) عن جرير قال : كنّا عند النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فنظر إلى القمر ليلة ـ يعني البدر ـ فقال : إنّكم ترون ربّكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثمّ قرأ : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) (٢).
وحديث قيس بن أبي حازم مع كونه مضاداً للكتاب ضعيف من جانب السند وإن رواه الشيخان ، ويكفي فيه وقوع قيس بن أبي حازم في سنده ، ترجمه ابن عبد البر وقال : قيس بن أبي حازم الأحمسي جاهلي إسلامي لم ير النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في عهده وصدق إلى مصدِّقه ، وهو من كبار التابعين ، مات سنة ثمان أو سبع وتسعين وكان
__________________
(١) كلمة حول الرؤية : ٦٥ ، وهي رسالة قيّمة في تلك المسألة وقد مشينا على ضوئها ـ رحم الله مؤلفها رحمة واسعة ـ.
(٢) البخاري : الصحيح : ١ / ١١١ ـ ١١٥ ، الباب ٢٦ و ٣٥ من أبواب المواقيت الصلاة ، طبع مصر ، ورواه مسلم في صحيحه لاحظ : صحيح مسلم بشرح النووي : ٥ / ١٣٦ وغيرهما.