خلاف بين العلماء في جواز النسخ للشرائع. (١)
ترى أنّ السيد الشريف يتبرّأ من البداء بمعنى ظهور الشيء بعد خفائه ، ويفسّر الروايات بمعنى النسخ وهو صحيح ، لكن يجب أن يضاف إليه بأنّ النسخ يستعمل في التشريع والبداء في التكوين.
٤. وقال الشيخ الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) : البداء حقيقة في الظهور ، ولذلك يقال : بدا لنا سور المدينة ، وبدا لنا وجه الرأي وقال الله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (٢) و (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا). (٣)
فأمّا إذا أُضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى ، فمنه ما يجوز إطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز ؛ فأمّا ما يجوز من ذلك ، فهو ما إذا أفاد النسخ بعينه ، ويكون إطلاق ذلك عليه ضرباً من التوسّع ، وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين ـ عليهماالسلام ـ من الأخبار المتضمّنة لإضافة البداء إلى الله ، دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن.
ووجه إطلاق ذلك فيه تعالى ، هو أنّه إذا كان منه ما يدلّ على النسخ ، يظهر به للمكلّفين ما لم يكن ظاهراً ، ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلاً لهم ، أطلق على ذلك لفظ البداء. (٤)
ترى أنّ شيخ الطائفة أيضاً يفسّر البداء بالنسخ ، ولكن نضيف إلى ما ذكره أنّ النسخ يستعمل في نسخ الحكم والبداء في نسخ التكوين ، أعني : تغيير المصير
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى ، مسألة ٥ ، ص ١١٧ ، المسألة الرازيّة. وقد نقل العلاّمة المجلسي خلاصة نظرية السيد في بحار الأنوار : ٤ / ١٢٩ ، ومرآة العقول : ٢ / ١٣١ حيث قال : الرابع ما ذكره السيد المرتضى.
(٢) الجاثية : ٣٣.
(٣) الزمر : ٤٨٤٧.
(٤) عدة الأُصول : ٢ / ٢٩. ولاحظ كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ، ص ٢٦٣.