بصالح الأعمال وطالحها.
٥. وقال الشيخ أيضاً في كتاب «الغيبة» : إنّه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقّت هذا الأمر (الحادثة المعيّنة) في الأوقات التي ذكرت ، فلما تجدّد ما تجدّد ، تغيّرت المصلحة واقتضت تأخيره إلى وقت آخر ـ إلى أن قال : ـ وعلى هذا يُتأوّل ما روي في تأخير الأعمار عن أوقاتها والزيادة فيها عند الدعاء وصلة الأرحام ، وما روي في تنقيص الأعمار عن أوقاتها إلى ما قبله عند فعل الظلم وقطع الرحم ، وغير ذلك ، وهو تعالى وإن كان عالماً بالأمرين ، فلا يمتنع أن يكون أحدهما معلوماً بشرط ، والآخر بلا شرط ، وهذه الجملة لا خلاف فيها بين أهل العدل ، وعلى هذا يتأوّل أيضاً ما روي من أخبارنا المتضمّنة للفظ البداء ويبيّن أنّ معناها النسخ على ما يريده جميع أهل العدل ، فيما يجوز فيه النسخ أو تغيّر شروطها ، إن كان طريقها الخبر عن الكائنات. (١)
٦. وقال السيّد المحقّق الداماد (... ١٠٤١ ه) : البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع ، فما في الأمر التشريعي والأحكام التكليفية فهو نسخ وفي الأمر التكويني والمكوّنات الزمانية بداء ، فالنسخ كأنّه بداء تشريعي ، والبداء كأنّه نسخ تكويني ، ولا بداء في القضاء ولا بالنسبة إلى جناب القدّوس الحق.
ـ إلى أن قال : ـ وكما حقيقة النسخ عند التحقيق انتهاء الحكم التشريعي وانقطاع استمراره ، لا رفعه وارتفاعه عن وعاء الواقع ، فكذلك حقيقة البداء انبتات (٢) استمرار الأمر التكويني وانتهاء اتصال الإفاضة. (٣)
__________________
(١) الغيبة للشيخ الطوسي ، ص ٢٦٢ ـ ٢٦٤ ، طبعة النجف.
(٢) انقطاع.
(٣) نبراس الضياء ، ص ٥٦.