عقيدة الشيعة حيث إنّه نقل نظريّتهم عن تعليقة المحقّق الزنجاني على كتاب «أوائل المقالات في المذاهب المختارات» (١) ، وعلّق عليه بما نذكره بنصّه :
إنّ البداء بمعنى أن ينزل بالناس ما لم يحتسبوا ويقدّروا كالغنى بعد الفقر ، والمرض بعد العافية ، فهذا موضع اتّفاق بين الشيعة والسنّة ولكنّهم يقولون : من البداء الزيادة في الآجال ، والأرزاق والنقصان منها بالأعمال ، ولا شكّ أنّ الزيادة في الآجال إن أُريد بالزيادة ما قدّره الله تعالى في علمه الأزلي ، والزيادة عمّا قدّر ، فذلك يقتضي تغيير علم الله ، وإن أُريد بالزيادة عمّا يتوقّعه الناس فذلك ممّا ينطبق عليه قول الله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ). (٢)
وعلى ذلك نقول : إن كان البداء في ما يحتسبه الناس ويقدّرونه فيجيء الأمر على خلاف ما توقّعوا فانّ ذلك موضع إجماع ، وإن كان البداء هو التغيير في المقدور فذلك ما لم يقله أحد من أهل السنّة ، لأنّه تغيير لعلمه وذلك لا يجوز. (٣)
يلاحظ على ما ذكره : من أنّ ما يدّعيه الشيعة الإمامية من زيادة الآجال والأرزاق والنقصان بالأعمال ممّا لا يتفردون به ، فقد عرفت أنّ أهل السنّة قالوا به كما يظهر من الروايات التي رواها أئمّة أهل الحديث ومن كلمات المفسّرين ، وقد مرّ قول بعضهم من أنّ قوله سبحانه : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) عام وليس بخاص هذا أوّلاً.
وثانياً : أنّ الزيادة في الآجال والأرزاق تغيّر التقدير ولكن لا تحدث التغيّر في علم الله ، ومنشأ الخلط هو جعل تقديره سبحانه نفس علمه تعالى ، وتوهّم انّ التغيير في الأوّل يوجب التغيير في الثاني ، مع أنّ مركز التغيير هو لوح المحو
__________________
(١) لاحظ ص ٩٤ ترى فيها نصّه.
(٢) الزمر : ٤٧.
(٣) الإمام الصادق ـ عليهالسلام ـ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩.