أنت لاق» (١) ، فانّ الحديث يعرب عن تماميّة الأُمور والفراغ عن الأمر دون أي تجديد في المصير بالعمل وغيره.
أقول : إذا كان الميزان في صحّة العقيدة هو تطابقها مع كتاب الله العزيز والسنّة النبويّة المتضافرة أو المتواترة فيجب أن نعتمد عليهما لا على أخبار الآحاد وإنْ رواها الإمام البخاري في صحيحه ، وقد عرفت دلالة الكتاب العزيز على انّه سبحانه (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ). (٢) وقال سبحانه : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ). (٣)
إلى غير ذلك من الآيات الصحيحة في تمكّن الإنسان من تغيير ما قدّر.
وأمّا ما رواه أبو هريرة فلو أخذنا بحديثه فيُحمل على ما قدر في أُمّ الكتاب وفي علمه الذاتي سبحانه لا ما قُدِّر في لوح المحو والإثبات وفي مقام علمه الفعلي.
ويؤيّد ما ذكرنا ما رواه البخاري في باب أسماه «العمل بالخواتيم» ، وقد ورد في أحاديث الباب قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : وإنّما الأعمال بالخواتيم. (٤)
فإذا كانت العبرة بخواتيم الأعمال ، فمعنى ذلك انّ المصير يتغيّر ، ولو كان ما قدر ثابتاً كانت العبرة بالأوائل لا بالخواتيم.
إنّ القول بجفاف القلم وانّ الله سبحانه فرغ من الأمر عقيدة مستوردة ، انتحلتها اليهود كما أشار إليها سبحانه في القرآن الكريم بقوله : (قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) (٥) ، والآية وإن وردت في مورد الإنفاق ، ولكن العبرة بعموم اللفظ (يَدُ اللهِ
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ / ٢٣٠ ، كتاب القدر ، الحديث ٦٥٩٦.
(٢) الرحمن : ٢٩.
(٣) الرعد : ٣٩.
(٤) نفس المصدر : برقم ٦٦٠٧.
(٥) المائدة : ٦٤.