مَغْلُولَةٌ) دون خصوص المورد ، كما هو الحال في عامّة الآيات الواردة في سبب خاص.
يقول العلاّمة محمد هادي معرفة : إنّ ذكر الإنفاق كيف يشاء في ذيل الآية جاء بياناً لأحد مصاديق بسط يده تعالى وشمول قدرته ، وليس ناظراً إلى الانحصار فيه ، ولعلّ ذكر ذلك كان بسبب ما واجه المسلمين في إبّان أمرهم من الضيق وعدم التوفّر في تهيئة التجهيز الكافي والحصول على الإمكانات اللازمة ، فأخذت اليهود في الطعن عليهم بأنّ ذلك هو المقدّر لهم ، وليس بوسعه تعالى أن يفسح لهم المجال أو يوسع عليهم في المعاش. (١)
وفي رواية أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ تصريح بأنّ الفراغ من الأمر عقيدة اليهود ، قال الإمام علي بن موسى الرضا ـ عليهالسلام ـ لسليمان بن حفص المروزي ، متكلّم خراسان وقد استعظم مسألة البداء في التكوين : «أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب» قال : أعوذ بالله من ذلك ، وما قالت اليهود؟ قال : «قالت اليهود : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) يعنون انّ الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئاً». (٢)
وروى الصدوق باسناده إلى إسحاق بن عمّار ، عمّن سمعه ، عن الصادق ـ عليهالسلام ـ انّه قال في الآية الشريفة : لم يعنوا انّه هكذا (أي مكتوف اليد) لكنّهم قالوا : قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص. فقال الله جلّ جلاله تكذيباً لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) ألم تسمع الله عزّ وجلّ يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ). (٣)
__________________
(١) شبهات وردود : ٣٦١.
(٢) عيون أخبار الرضا : ١ / ١٤٥ ، باب ١٣ ، رقم ١.
(٣) توحيد الصدوق : ١٦٧ ، باب ٢٥ ، رقم ١.