وأمّا إذا لم يكن ثمة رئيس ، فلا تنطبق عليه الآية ، إذ ليس في انتخاب الخليفة بين المشيرين من يقوم بدعوة الأفراد للمشورة ، لغاية استعراض آرائهم ، ثمّ تمحيص أفكارهم ، والأخذ بالنافع منها ، ثمّ العزم القاطع عليه.
وكلّ ذلك يعرب عن أنّ الآية ترجع إلى غير مسألة الحكومة وما شابهها. ولأجل ذلك لم نر أحداً من الحاضرين في السقيفة احتجّ بهذه الآية.
وأمّا الآية الثانية فهي : قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ). (١)
فيقرر كيفية دلالتها على كون الشورى مبدأً للحكم بالبيان التالي :
أنّ المصدر (أمْر) أضيف إلى الضمير (هُمْ) ، وهو يفيد العموم والشمول لكلّ أمر ، ومنه الخلافة ، فيعود معنى الآية أنّ شأن المؤمنين في كلّ مورد ، شورى بينهم.
يلاحظ عليه : أنّ الآية تأمر بالمشورة في الأُمور المضافة إلى المؤمنين ، وأمّا أنّ تعيين الخليفة من الأُمور المضافة إليهم ، فهو أوّل الكلام ، والتمسّك بالآية في هذا المجال ، تمسّك بالحكم في إثبات موضوعه.
وبعبارة أُخرى : إنّ الآية حثّت على الشورى فيما يمتّ إلى شئون المؤمنين بصلة ، لا فيما هو خارج عن حوزة أُمورهم ، أمّا كون تعيين الإمام داخلاً في أُمورهم ، فهو أوّل الكلام ، إذ لا ندري هل هو من شئونهم أو من شئون الله سبحانه ، ولا ندري ، هل هي إمرة وولاية إلهية تتم بنصبه سبحانه وتعيينه ، أو إمرة وولاية شعبية ، ويجوز للناس التدخّل فيها. ومع هذا الترديد لا يصحّ التمسّك بالآية.
__________________
(١) الشورى : ٣٨.