الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : «يا جابر إنّا لو كنّا نحدّثكم برأينا وهوانا ، لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله». (١)
وممّن وقف على خطورة الموقف ، الشوكاني قال : والحق إنّ قول الصحابي ليس بحجّة ، فانّ الله سبحانه وتعالى لم يبعث إلى هذه الأُمّة إلاّ نبيّنا محمّداً ، وليس لنا إلاّ رسول واحد ، والصحابة ومن بعدهم مكلّفون على السواء باتّباع شرعه والكتاب والسنّة ، فمن قال : إنّه تقوم الحجّة في دين الله بغيرهما فقد قال في دين الله بما لا يثبت وأثبت شرعاً لم يأمر الله به. (٢)
وممّن بالغ في حجّية قول الصحابي ـ غير المسند إلى الرسول ـ ابن قيّم الجوزية في كتابه «اعلام الموقعين» وقد أوضحنا حال أدلّته البالغة إلى ستة وأربعين دليلاً ، في تقديمنا لكتاب طبقات الفقهاء ، القسم الأوّل ، فلاحظ. (٣)
والعجب انّ الصحابة لم يدّعوا لأنفسهم هذا المقام ولم يغالوا في حقّهم ولم يتجاوزوا الحد ، وهذا هو عمر بن الخطاب يقول : وإنّي لعلي أنهاكم عن أشياء تصلح لكم ، وآمركم بأشياء لا تصلح لكم. (٤)
وقد شاع وذاع عن الخلفاء قولهم : أقول فيها برأيي فإن أصبتُ فمن الله ، وإن أخطأت فمنّي أو من الشيطان» فكيف يمكن أن يكون الرأي المردد بين الله وغيره حكماً شرعياً لازم الاتّباع إلى يوم البعث.
إن هذا إلاّ الغلو الواضح النابع من القول بعصمتهم من غير وعي.
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة : ١ / ١٧.
(٢) إرشاد الفحول : ٢١٤.
(٣) الفقه الإسلامي منابعه وأدواره : ٢٨٩ ـ ٣٠٣.
(٤) تاريخ بغداد : ١٤ / ٨١.