فأمّا لفظة اللعن فقد أمر الله بها وأوجبها ألا ترى قوله تعالى : (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ) (١) فهو إخبار معناه الأمر ، كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (٢) ، وقد لعن الله تعالى الغاصبين بقوله : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ) (٣) ، وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٤) ، وقوله : (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً). (٥) وقال الله لإبليس : (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) (٦) وقال : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً). (٧)
فأمّا قول من يقول : أي ثواب في اللعن؟ وانّ الله تعالى لا يقول للمكلف : لِمَ لَمْ تلعن؟ بل قد يقول له : لِمَ لعنت؟ وانّه لو جعل مكان لعن الله فلاناً اللهمّ اغفر لي لكان خيراً له ، ولو انّ إنساناً عاش عمره كله ولم يلعن إبليس لم يؤاخذ بذلك ... فكلام جاهل لا يدري ما يقول ، اللعن طاعة لله ، ويستحقّ عليها الثواب إذا فعلت على وجهها ، وهو أن يلعن مستحق اللعنة لله وفي الله ، لا في المعصية والهوى ، لأنّ الشرع قد ورد بها في نفي الولد ، ونطق بها القرآن ، وهو أن يقول الزوج في الخامسة «انّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» فلو لم يكن الله تعالى يريد أن يتلفظ عباده بهذه اللفظة ، لما جعلها من معالم الشرع ولما كررها في كثير من كتابه العزيز.
__________________
(١) البقرة : ١٥٩.
(٢) البقرة : ٢٢٨.
(٣) المائدة : ٧٨.
(٤) الأحزاب : ٥٧.
(٥) الأحزاب : ٦١.
(٦) ص : ٧٨.
(٧) الأحزاب : ٦٤.