لعن بعضهم بعضاً
ودعم كلامه بكثير من الحجج القاطعة ، وأضاف بعد ذلك يقول : «وقد كان كثير من الصحابة يلعن عثمان وهو خليفة ، منهم : عائشة كانت تقول : اقتلوا نعثلاً». (١) لعن الله نعثلة ، ومنهم : عبد الله بن مسعود ، وقد لعن معاوية علي بن أبي طالب ، وابنيه حسناً وحسيناً وهم أحياء يرزقون في العراق ، وهو يلعنهم في الشام على المنابر ، ويقنت عليهم في الصلوات ، وقد لعن أبو بكر وعمر سعد بن عبادة وهو حي ، وبرئا منه ، وأخرجاه من المدينة إلى الشام ، ولعن عمر خالد بن الوليد لماّ قتل مالك بن نويرة ، وما زال اللعن ماشياً في المسلمين إذا عرفوا من الإنسان معصية تقتضي اللعن والبراءة.
ولو كان حفظ شخص معتبراً من أجل أبيه لوجب أن يحفظ الصحابة في أولادهم فلا يلعنوا ، فيجب أن لا يلعن عمر بن سعد قاتل الحسين من أجل أبيه ـ سعد ـ ولا يلعن يزيد من أجل أبيه معاوية ، ويزيد هو صاحب واقعة الحرة ، وقاتل الحسين ، وأن يحفظ عمر بن الخطاب في عبيد الله ابنه قاتل الهرمزان ، والمحارب علياً في صفين.
ولو كان الإمساك عن عداوة من عادى الله من أصحاب محمّد رسول الله من حفظ رسول الله في أصحابه ، ورعاية عهده وعقده لم نعادهم ولو ضربت رقابنا بالسيوف ، ولكن محبة رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لأصحابه ليست كمحبة الجهال الذين يضع أحدهم حجته لصاحبه مع المعصية ، وإنّما أوجب رسول الله محبة أصحابه لطاعة
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٤ / ٤٥٩ ؛ الكامل : ٣ / ٢٠٦ ؛ النهاية لابن الأثير : ٥ / ٨٠ ؛ تذكرة الخواص : ٦٤ و ٦٦ ؛ الفتوح : ٢ / ٢٤٩ ـ ٢٥٥.