ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). (١)
فالنحل ذاته ووجوده وعمله وصنعه واقع في إطار التقدير والقضاء والنظام السائد على ذلك ، هو سيادة الجبر عليه وأشباهه.
٣. انّ خلقة الإنسان ونشؤه من النطفة إلى العلقة ، إلى المضغة إلى العظام إلى غير ذلك ممّا يجري عليه إلى أن يؤكد وينمو ويشبّ ويشيب ، ويموت كلّها واقع في إطار التقدير والقضاء ، لا خيار للإنسان فيه ، شاء أم لم يشأ ، فالقول بسيادة الجبر عليه في هذه المرحلة تعبير واقعي ، لا ينافي حكم العقل والشرع.
٤. انّ ما يواجهه الإنسان في حياته ، ممّا يبتلي به غير مريد به كالطوفان الجارف الذي يكتسح مزرعته ، والسيل العارم الذي يهدم منزله وبيته ، والزلزال الشديد ، الذي يزعزع بنيانه وبالتالي يخسر ويتضرر ، كلّها بقدر من الله سبحانه لا يُلام بها الإنسان ولا يذمّ وهو أيضاً كسوابقه خارج عن محطّ البحث.
فالذي تدور عليه رحى النزاع والدراسة ، ما يصدر عن الإنسان من الأفعال التي في وسعه تركها أو فعلها ، فهل وقوعها في إطار التقدير يجرّنا إلى القول بالجبر ، أولا صلة بين القول بالقضاء والقدر ، واستنتاج الجبر منه؟
وهذا موضوع بحثنا ودراستنا.
إنّ كثيراً من الناس زعموا انّ القول بالقضاء والقدر يضادّ كون الإنسان مخيراً ، وقد كان ذلك الزعم سائداً في عصر الإمام أمير المؤمنين حيث أقبل شيخ إلى الإمام علي ـ عليهالسلام ـ عند منصرفه من صفين فقال : أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام ، أبقضاء الله وقدره؟
__________________
(١) النحل : ٦٦.