لطائفة دون أُخرى ليس اعتباطياً ، بل تشمل من استضاء بالهدايتين الأُوليين فتعمه هذه الهداية الخاصة ، كما أنّ من أعرض عنهما يحرم منها وتكون النتيجة خذلانه في الحياة ، وهذا النوع من الهداية تابع لملاكات خاصة (١) فيشير إليها سبحانه عند البحث عنهما ، يقول :
١. (إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ).
فهذه الهداية هداية تشريعية خاصة ولا تشمل إلاّ لمن وُصف بالانابة والتوجّه إلى الله كما يقول (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) ، وبما ذكرنا يتّضح معنى كثير من الآيات الباحثة عن الهداية ويصفها بأنّها بيد الله يضلّ ويهدي ، ولكن يهدي من اكتسب لنفسه أهلية خاصة لشمولها ويحرم منها من حرم نفسه عن الهدايتين الأُوليين ، وإليك باقي الآيات :
وقال سبحانه : (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ). (٢)
وقال سبحانه : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٣) فمن أراد وجه الله سبحانه يمدّه بالهداية إلى سبله.
وقال سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً). (٤)
وقال سبحانه : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً). (٥)
وكما أنّه علق الهداية هنا على من جعل نفسه في مهبِّ العناية الخاصّة ،
__________________
(١) وهذه الملاكات كما تشير إليها الآيات التالية عبارة عن الإنابة ، والجهاد والاهتداء في أمر الهداية ومقابلاتها في أمر الضلالة.
(٢) الشورى : ١٣.
(٣) العنكبوت : ٦٩.
(٤) محمد : ١٧.
(٥) الكهف : ١٣ و ١٤.