علّق الضلالة في كثير من الآيات على صفات تشعر باستحقاقه الضلال وبمعنى الحرمان من الهداية الخاصة.
قال سبحانه : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). (١)
وقال سبحانه : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ). (٢)
وقال سبحانه : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ). (٣)
وقال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ). (٤)
وقال سبحانه : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ). (٥)
فالمراد من الإضلال هو عدم الهداية لأجل عدم استحقاق العناية والتوفيق الخاص ، لأنّهم كانوا ظالمين وفاسقين. كافرين ومنحرفين عن الحقّ. وبالمراجعة إلى الآيات الواردة حول الهداية والضلالة يظهر أنّه سبحانه لم ينسب في كلامه إلى نفسه إضلالاً إلاّ ما كان مسبوقاً بظلم من العبد أو فسق أو كفر أو تكذيب ونظائرها التي استوجبت قطع العناية الخاصة وحرمانه منها.
إذا عرفت ما ذكرنا ، تقف على أنّ الهداية العامة التي بها تناط مسألة الجبر والاختيار ، عامة شاملة لجميع الأفراد ، ففي وسع كلّ إنسان أن يهتدي بهداها. وأمّا الهداية الخاصة والعناية الزائدة فتختص بطائفة المنيبين والمستفيدين من الهداية الأُولى. فما جاء في كلام المستدل من الآيات من تعليق الهداية والضلالة على
__________________
(١) الجمعة : ٥.
(٢) إبراهيم : ٢٧.
(٣) البقرة : ٢٦.
(٤) النساء : ١٦٨ و ١٦٩.
(٥) الصف : ٥.