مشيئته سبحانه ناظرٌ إلى القسم الثاني لا الأوّل.
أمّا القسم الأوّل فلأنّ المشيئة الإلهية تعلقت على عمومها بكلّ مكلّف بل بكل إنسان ، وأمّا الهداية الخاصة فقد تعلقت مشيئته بشمولها لصنف دون صنف ولم تكن مشيئته ، مشيئة جزافية ، بل الملاك في شمولها لصنف خاص هو قابليته لأن تنزل عليه تلك الهداية ، لأنّه قد استفاد من الهدايتين : التكوينية والتشريعية العامتين ، فاستحق بذلك العناية الزائدة.
كما أنّ عدم شمولها لصنف خاص ما هو إلاّ لأجل اتصافهم بصفات رديئة لا يستحقون معها تلك العناية الزائدة.
ولأجل ذلك نرى أنّه سبحانه بعد ما يقول : (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ، يذيّله بقوله : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١) ، مشعراً بأنّ الإضلال والهداية كانا على وفاق الحكمة ، فهذا استحقّ الإضلال وذاك استحق الهداية.
__________________
(١) إبراهيم : ٤.