فعله ، ففي مثل ذلك يستند الفعل إلى كلّ منهما ، أمّا إلى المباشر فلأنّه قد فعل باختياره وإعمال قدرته ، وأمّا إلى الموصل فلأنّه أقدره وأعطاه التمكّن ، حتّى في حال الفعل والاشتغال بالقتل ، كان متمكناً من قطع القوة عنه في كلّ آن شاء وأراد.
فالجبري يمثِّل فعل العبد بالنسبة إلى الله تعالى كالمثال الأوّل ، حيث إنّ اليد المرتعشة فاقدة للاختيار ومضطرة إلى الإهلاك.
كما أنّ التفويضي يمثّل نسبة فعله إليه كالمثال الثاني ، فهو يصور أنّ العبد يحتاج إلى إفاضة القدرة والحياة منه سبحانه حدوثاً لا بقاءً والعلّة الأُولى كافية في بقاء القدرة فيه إلى نهاية المطاف ، كما أنّه كان الأمر في المثال كذلك ، فكان الإنسان محتاجاً إلى رجل آخر في أخذ السيف ، وبعد الحصول عليه انقطعت حاجته إلى المعطي.
والقائل بالأمر بين الأمرين يصوّر النسبة كالمثال الثالث ، فالإنسان في كلّ حال يحتاج إلى إفاضة القوة والحياة منه إليه بحيث لو قُطع الفيض في آن واحد بطلت الحياة والقدرة ، فهو حين الفعل يفعل بقوة مفاضة منه وحياة كذلك من غير فرق بين الحدوث والبقاء.
والحاصل إنّ للفعل الصادر من العبد نسبتين واقعيتين ، إحداهما : نسبته إلى فاعله بالمباشرة باعتبار صدوره منه باختياره وإعمال قدرته ؛ وثانيتهما : نسبته إلى الله تعالى باعتبار أنّه معطي الحياة والقدرة في كلّ آن وبصورة مستمرة حتى في آن اشتغاله بالعمل. (١)
وهناك مثال آخر ذكره شيخنا المفيد ، فقال :
__________________
(١) المحاضرات : ٢ / ٨٨٨٧ ؛ أجود التقريرات : ١ / ٩٠.