نفترض انّ مولى من الموالي العرفيّين يختار عبداً من عبيده ويزوّجه إحدى فتياته ثمّ يقطع له قطيعة ويخصه بدار وأثاث وغير ذلك ممّا يحتاج إليه الإنسان في حياته إلى حين محدود ولأجل مسمّى.
فإن قلنا إنّ المولى وإن أعطى لعبده ما أعطى وملّكه ما ملك ، لكنّه لا يملك ، وأين العبد من الملك؟ كان ذلك قول المجبرة.
وإن قلنا : إنّ المولى بإعطائه المال لعبده وتمليكه ، جعله مالكاً وانعزل هو عن المالكية وكان المالك هو العبدُ ، كان ذلك قول المعتزلة.
ولو جمعنا بين الملكين بحفظ المرتبتين ، وقلنا : إنّ المولى مقامه في المولوية ، وللعبد مقامه في الرقية ، وانّ العبد يملك في ملك المولى ، فالمولى مالك في حين انّ العبد مالك ، فهنا ملك على ملك.
كان ذلك القول الحق الذي رآه أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ وقام عليه البرهان. (١)
وفي بعض الروايات إشارات واضحة إلى الأمر بين الأمرين.
روى الصدوق في توحيده عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «قال الله عزّ وجلّ : يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد». (٢)
ترى أنّه يجعل مشيئة العبد وإرادته تلوَ مشيئة الله سبحانه وإرادته ، ولا يعرّفهما مفصولتين عن الله سبحانه ، بل الإرادة في نفس الانتساب إلى العبد ، لها نسبة إلى الله سبحانه.
__________________
(١) الميزان : ١ / ١٠٠.
(٢) التوحيد : ٣٤٠ ، باب المشيئة والإرادة ، الحديث ١٠.