والاستصحاب ، فانها محل الخلاف (*) بين الأصحاب ، ويحتاج تنقيح مجاريها وتوضيح ما هو حكم العقل أو مقتضى عموم النقل فيها إلى مزيد بحث وبيان ومئونة حجة وبرهان ، هذا. مع جريانها (١) في كل الأبواب ، واختصاص تلك القاعدة ببعضها ، فافهم (٢).
______________________________________________________
(١) أي : الأصول الأربعة ، وهذا هو الوجه الثاني ، وقد عرفت توضيحه.
(٢) لعله إشارة إلى عدم صلاحية الوجه الثاني للاعتذار ، لأن الاختصاص ببعض الأبواب لا يسوِّغ الإهمال ، وإلّا لزم خروج جملة من المسائل الأصولية عن علم الأصول ، لعدم اطرادها في جميع أبواب الفقه. كالبحث عن دلالة النهي عن العبادة على الفساد ، حيث انه يختص بالعبادات ولا يجري في سائر أبواب الفقه ، هذا.
بل الوجه الأول أيضا لا يصلح للاعتذار ، لأن مجرد اتفاقية مسألة من مسائل علم بل ضروريتها لا يسوِّغ إهمالها وعدم ذكرها في مسائل ذلك العلم ، بل لا بد من بيان جميع مسائله الخلافية والوفاقية ، ألا ترى أن الفلاسفة تعرضوا لكثير من المسائل البديهية كبطلان الدور واستحالة اجتماع النقيضين ونحوهما ، وكذا بعض مسائل جملة من العلوم فلاحظ.
__________________
(*) لا يقال : ان قاعدة الطهارة مطلقا تكون قاعدة في الشبهة الموضوعية فان الطهارة والنجاسة من الموضوعات الخارجية التي يكشف عنها الشرع. فانه يقال : أوّلا نمنع ذلك ، بل انهما من الأحكام الوضعيّة الشرعية ، ولذا اختلفا في الشرع بحسب المصالح الموجبة لشرعهما ، كما لا يخفى. وثانيا : انهما لو كانتا كذلك فالشبهة فيهما فيما كان الاشتباه لعدم الدليل على إحداهما كانت حكمية ، فانه لا مرجع لرفعها إلّا الشارع ، وما كانت كذلك ليست إلّا حكمية.