لا يقال : ليست المؤاخذة (١) (*) من الآثار الشرعية
______________________________________________________
(١) غرضه : أن أصالة البراءة التي هي من الأصول العملية لا تنفي إلّا الآثار الشرعية ، ومن المعلوم أن المؤاخذة ليست منها ، ضرورة أن نفسها من الأمور التكوينية ، واستحقاقها من الأحكام العقلية ، فلا ترتفع المؤاخذة بإجراء البراءة
__________________
الكل وهو الوضع على العلم به ، وهو محال ، لأنه دور.
وثالثا : أنه يلزم على هذا المبنى انسداد باب وجوب تعلم الأحكام أيضا ، إذ المفروض أنها موقوفة على العلم بالوضع توقف الحكم على موضوعه ، وقد ثبت في محله عدم وجوب تحصيل الموضوع ، ومجرد العلم الإجمالي باشتغال الذّمّة بأفعال وتروك لا يجدي في إثبات وجوب التعلم ، لأنه علم إجمالي بالموضوع ، والمجدي هو العلم بالحكم.
إلّا أن يقال : ان العلم الإجمالي بالموضوع علم إجمالي بالحكم ، وهذا كاف في تنجيز الأحكام التكليفية المترتبة على الوضع ، وفي وجوب تعلمها.
أو يقال : ان التكليف ليس مترتبا على الوضع ترتب الحكم على موضوعه ، بل هما في رتبة واحدة ، ومعلولان لعلة ثالثة ، وحينئذ يكون الرجوع إلى الأدلة موجبا للعلم بكل من الوضع والتكليف ، وبه يندفع الإشكال الثاني وهو انسداد البراءة في الشبهات الحكمية ، والإشكال الثالث وهو انسداد باب وجوب تعلم الأحكام. نعم يبقى الإشكال الأول وهو عدم الدليل على انحلال كل حكم إلى تكليف ووضع ، ولا بد من مزيد التأمل وإمعان النّظر فيما أفاده رفع الله تعالى في الخلد مقامه.
(*) لا يخفى أن الإشكال في المؤاخذة من ناحيتين :
إحداهما : عدم كونها أثرا شرعيا حتى يصح جريان أصل البراءة التي هي من الأصول العملية فيها.