وقياسه (١) بتعارض الخبرين الدال أحدهما على الحرمة والآخر
______________________________________________________
(١) هذه العبارة الوجيزة تضمنت أمورا : أحدها : الاستدلال على القول الثالث وهو التخيير الشرعي في دوران الأمر بين المحذورين بمقايسة المقام بالخبرين المتعارضين الدالين على الوجوب والحرمة. ويمكن تقريب هذه المقايسة بوجوه :
الأوّل : أن رعاية الحكم الظاهري الأصولي وهو حجية كل واحد من الخبرين بعد وضوح عدم إمكانها لأجل التعارض أوجبت حكم الشارع بلزوم الأخذ بواحد منهما تخييرا ، ومن المعلوم أن الحكم الواقعي أولى بالرعاية ، فلا بد من البناء على الوجوب أو الحرمة بالأولوية القطعية ، لا طرحهما والقول بالإباحة الظاهرية ، فتختص قاعدة الحل بالشبهات البدوية ، ولا تشمل شيئا من صور الدوران بين المحذورين سواء كان منشأ الدوران الخبرين المتعارضين أم غيرهما.
الثاني : توافقهما على نفي الثالث بالدلالة الالتزامية ، فان الخبرين المتعارضين يدلّان التزاما على نفي الحكم الثالث ، والعالم بالإلزام الجامع بين الوجوب والحرمة يعلم وجدانا بنفي الحكم الثالث ، إذ المفروض دوران الحكم الواقعي بين الوجوب والحرمة ، ومعه كيف يمكن الالتزام بالإباحة الظاهرية؟ بل لا بد من الحكم بالتخيير بالأولوية القطعية. وهذا الاحتمال هو ظاهر كلام المحقق الآشتياني (قده) عند بيان تنقيح المناط الموجود في عبارة شيخنا الأعظم في تقرير القياس.
الثالث : كون المناط في التخيير بين الخبرين المتعارضين إحداثهما احتمال الوجوب والحرمة ، ولتعذر مراعاة كلا الاحتمالين حكم الشارع بالتخيير بينهما وعدم جواز إبداع قول ثالث ، وهذا المناط بعينه موجود في الدوران