ولا مجال هاهنا (١) لقاعدة قبح العقاب
______________________________________________________
(١) أي : في الدوران بين المحذورين ، وغرضه من هذا الكلام الإشارة إلى دليل القول الأول في مسألة الدوران ـ وهو جريان البراءة الشرعية والعقلية ـ وردّه ، وقوله : «لقاعدة قبح العقاب بلا بيان» إشارة إلى الجزء الثاني منه وهو جريان البراءة العقلية ، وقد عرفت تقريبه عند بيان الأقوال وأدلتها بقولنا «أما العقلية فلتحقق موضوعها وهو عدم البيان ... إلخ» وقوله : «فانه لا قصور فيه ... إلخ» رد عليه ، وتوضيح ما أفاده فيه : أن تنجز التكليف ـ المصحح للعقوبة على مخالفته ـ يتقوم بأمرين : أحدهما وجود البيان على الحكم الشرعي ولو كان إجماليا ، وثانيهما قدرة المكلف على الموافقة القطعية سواء كانت تفصيلية أم إجمالية كالصلاة إلى أربع جهات ، وبانتفاء أحد الأمرين وان كان ينتفي التنجز ، ومقتضى انتفائه جريان قاعدة القبح ، إلّا أن القاعدة مع ذلك أيضا لا تجري هنا ، لا لعدم البيان إذ البيان موجود ، لفرض العلم بالتكليف ولو إجمالا وهو مطلق الإلزام ، ولذا يكون منجزا إذا تعلق بأمرين كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال وحرمة شرب التتن ، فان الاحتياط حينئذ بفعل الدعاء وترك الشرب لازم ، بل عدم جريانها انما هو لعدم التمكن من الامتثال القطعي مع وحدة المتعلق بالاحتياط بالجمع بين التكليفين ، لامتناع الجمع بين الفعل والترك ضرورة أنهما نقيضان ، كعدم التمكن من المخالفة القطعية لاستحالة ارتفاع النقيضين
__________________
«بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» وكان سيدنا الأستاذ (قده) يميل إلى هذا المعنى ، من جهة أن المناط في الطريقية حيث كان هو الوثوق بالصدور وقد ارتفع بالتعارض فلا بد أن يكون العمل بواحد منهما لمصلحة أخرى غير ما تقتضيه أدلة حجية الخبر على الطريقية المحضة. وسيأتي تفصيل الكلام في باب التعادل والترجيح إن شاء الله تعالى.