والتعيين في غير المقام (١) ، ولكن (٢) الترجيح إنّما يكون لشدة
______________________________________________________
(١) يعني : دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، والمراد بـ «غير المقام» موارد التزاحم ، كمسألة تقديم إنقاذ الغريق المحتمل أهميته ـ لاحتمال كونه عالما ـ على إنقاذ الآخر.
(٢) هذا إشارة إلى البحث الثاني وهو البحث الصغروي ، وتوضيح ما أفاده فيه : أن الموجب للتقديم هو أهمية الملاك الموجبة لشدة الطلب وتأكّده وزيادته على الطلب في الآخر بحيث لو كان المحتملان معلومين لكان أحدهما المعين لأهميته مقدما على صاحبه عند المزاحمة ، كما في مثال إنقاذ الغريق المتوقف على التصرف في مال الغير بدون رضاه ، فان كلّا من الحكمين وهما وجوب الإنقاذ وحرمة الغصب معلوم ولا بد من امتثاله ، وقد اتفق ابتلاء المكلف بهما في زمان واحد ، لكن لمّا كان وجوب حفظ النّفس المحترمة أهم من حرمة الغصب كان اللازم التصرف في مال الغير لأجل إنقاذ الغريق المؤمن ، هذا في باب التزاحم. وفي المقام ـ وهو وجود احتمال حكمين لا نفس الحكمين الواقعيين ـ إذا كان الوجوب المحتمل أهم من الحرمة المحتملة قدّم الفعل على الترك وان كان احتمال الحرمة أقوى ، إذ المدار في الترجيح على أهمية المحتمل لا أقوائية الاحتمال ، فإذا فرض أن احتمال الحرمة أقوى من احتمال الوجوب ، لكن كان الوجوب المحتمل على تقدير ثبوته واقعا أشد وأهم من الحرمة المحتملة بل المظنونة قدّم احتمال الوجوب الأهم على احتمال الحرمة الأقوى كالصلاة في أيام الاستظهار ، فانها إمّا واجبة ان كانت طاهرة وإمّا حرام ان كانت حائضا ، لكن حيث انها لو كانت واجبة عليها واقعا كان وجوبها أهم من حرمتها نظرا إلى أن وجوبها على تقدير ثبوته واقعا ذاتي ، بخلاف حرمتها ، فانها على فرض ثبوتها تشريعية ، فيرجح الوجوب على الحرمة ، ولذا يحكم بوجوبها