.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
للحكم بالحلية والطهارة من هذه الناحية.
لكن قد يستدل لهما من ناحية أخرى ، وهي : أن الطهارة والحلية كما تنشئان عن خصوصية في الحيوان ، كذلك الحرمة ، فانها تنبعث عن مفسدة وجودية قائمة بخصوصية وجودية ، والنجاسة تنشأ مما يوجب تنفر الطبع ، فأصالة عدم التذكية معارضة بأصالة عدم ثبوت تلك الخصوصية المقتضية للحرمة والنجاسة فيرجع حينئذ إلى قاعدتي الحل والطهارة.
لكن في هذا الاستدلال أوّلا ما قيل من : «أن التضاد بين المذكى وما يقابله لا يقتضي نشوء الحرمة والنجاسة عن خصوصية وجودية في الحيوان ، لإمكان أن يكون المقتضي لهما نفس زهوق الروح ، وفري الأوداج وشرائطه مانعة عن تأثيره في الحرمة والنجاسة ، والمفروض أن زهوق الروح محرز بالوجدان وعدم التذكية بالأصل ، فيحرز تمام موضوع الحرمة والنجاسة» (١) وثانيا : أن المراد بالخصوصية هو الملاك ، وليست هي حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي حتى يصح جريان الأصل فيها وجودا أو عدما ، حيث ان الملاكات دواع للأحكام لا نفس الأحكام ولا موضوعاتها.
وثالثا : ـ بعد تسليم اقتضاء التضاد ذلك ـ أنه بعد تعارض الأصلين تصل النوبة إلى استصحاب الحرمة والطهارة الثابتتين حال الحياة دون قاعدتي الحل والطهارة ، لحكومته عليهما ، فلا بد من الحكم بالحرمة والطهارة لا الحل والطهارة هذا.
ثم انه يحتمل أن يكون منشأ توهم كون الميتة أمرا وجوديا ـ أعني به خصوص ما مات حتف الأنف ـ استعمالها في الآية الشريفة في هذا المعنى ، فان كان
__________________
(١) نهاية الدراية ، ج ٢ ، ص ٢٠٦.