العقوبة على مخالفة التكليف المجهول.
ولا يصغى إلى ما قيل (١) : من «أن إيجاب الاحتياط ان كان
______________________________________________________
كاف في البيانية على التكليف المحتمل ، لتنجزه به.
(١) هذا هو الجواب الثاني عن أخبار التوقف والاحتياط ، والقائل هو شيخنا الأعظم ، وقد أفاده في الجواب عن خصوص أخبار الوقوف ، فانه (قده) بعد أن أجاب عن تلك الاخبار ـ بحمل الأمر على الطلب المشترك بين الوجوب والندب ـ أورد على نفسه إشكالا حاصله استكشاف وجوب الاحتياط شرعا ، وسيأتي توضيحه عند تعرض المصنف له ، ثم أجاب عنه بقوله : «قلت : إيجاب الاحتياط ان كان مقدمة للتحرز عن العقاب الواقعي ، فهو مستلزم لترتب العقاب على التكليف المجهول ، وهو قبيح كما اعترف به. وان كان حكما ظاهريا نفسيا فالهلكة الأخروية مترتبة على مخالفته لا مخالفة الواقع ، وصريح الاخبار إرادة الهلكة الموجودة على تقدير الحرمة الواقعية».
وتوضيحه : أن إيجاب الاحتياط شرعا ان كان لأجل التحرز عن العقاب على الحكم الواقعي المجهول كان معنى ذلك ثبوت العقاب على الواقع المجهول في صورة مخالفة الاحتياط. والوجه فيه واضح ، فان إيجاب الاحتياط لا يرفع الجهل بالواقع ، بل هو باق بعد إيجابه ، فيكون العقاب عليه قبيحا ، ضرورة أن المناط في قبح العقاب هو الجهل بالواقع ، وهو بعدُ باق ولم يرتفع بإيجاب الاحتياط ، فيكون العقاب عليه عقابا على المجهول ، وهو قبيح عقلا كما اعترف به المستشكل نفسه.
وان كان إيجاب الاحتياط نفسيا ، لوجود ملاك في نفس الاحتراز عن الشبهة ومع الغض عن الحكم الواقعي المجهول ، فاللازم ترتب العقاب على مخالفته لا مخالفة الواقع ، وهذا المعنى وان كان صحيحا في نفسه ، إلّا أنه غير مقصود