.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وأما بناء على ذلك كما هو ظاهر قول المصنف (قده) تعليلا لوجوب المعرفة «أداء لشكر بعض نعمائه» فيكون وجوبها نفسيا عقليا ، لا غيريا بناء على قاعدة التحسين والتقبيح.
وبالجملة : فوجوب المعرفة نفسيا عقليا موقوف على كونها بنفسها شكرا ، وعلى كون الشكر واجبا ، وعلى قاعدة التحسين. والكل مخدوش ، لعدم كون مجرد المعرفة بنفسها شكرا للمنعم ، لأن الشكر لغة هو الاعتراف بالنعمة وفعل الطاعة وترك المعصية ، قال في مجمع البحرين : «وشكرت الله اعترفت بنعمته وفعلت ما يجب من فعل الطاعة وترك المعصية» وإليه يرجع ما في الشوارق من «أن الشكر اللغوي هو الثناء على الإحسان» وعرفا كما في الشوارق أيضا «هو الفعل المنبئ عن تعظيم المنعم» فالمعرفة بنفسها ليست شكرا لا لغة ولا عرفا. وبعد تسليم كونها شكرا لا يستلزم حسنها وجوبها. وقاعدة التحسين والتقبيح وان كانت مسلمة عند العدلية ، لكن المقام ليس من صغرياتها ، لأن وجوب دفع الضرر ليس من الأحكام العقلية ، بل هو من الفطريات المجبولة عليها النفوس من دون توقفه على حكم العقل بحسنه ، بداهة أن كل ذي شعور والتفات وان لم يكن من ذوي العقول يفر من الشيء المضر ، كما هو المشاهد في الحيوانات ، كما أنه يسعى إلى الشيء النافع ويميل إليه ويرجِّح فعله على تركه ، فان الفرار من الضرر والسعي إلى النّفع لا يتوقفان على حكم العقل بحسنه أو قبحه ، وإلّا لاختصا بذوي العقول ، بل هما من الأمور الفطرية لكل ذي شعور وان كان حيوانا ، ولا ربط لهما بالتحسين والتقبيح العقليين.
فالحق أن يقال : ان وجوب المعرفة فطري غيري لا شرعي ولا نفسي عقلي.